اضطر الرئيس الانتقالي لإفريقيا الوسطى، ميشال جوتوديا، إلى تقديم استقالته، أمس، من منصبه تحت ضغط المجموعة الدولية التي اتهمته بعدم الاكتراث لأعمال العنف العرقية التي تتخبط فيها بلاده منذ الربيع الماضي. وأعلن جوتوديا عن قراره بعد مشاركته في القمة الطارئة لقادة المنظمة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا المنعقدة بالعاصمة التشادية نجامينا بدعوة من الرئيس التشادي إدريس دبي. وتزامنت هذه الاستقالة مع قرار مماثل اتخذه وزيره الأول نيكولا تينغاي الذي ساءت علاقته في المدة الأخيرة مع الرئيس جوتوديا مما أدى إلى شل عمل هيئات الدولة وعجز الرجلين في احتواء عمليات التقتيل والعنف الطائفي التي تحصد يوميا مزيدا من الأرواح في هذه الدولة الإفريقية الفقيرة. وتحركت دول المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا ضاغطة على الرئيس الانتقالي ميشيل جوتوديا بعد أن اتهمته بالفشل في احتواء الصراع العرقي والطائفي المستفحل في بلاده والذي تسبب في سقوط العديد من القتلى وأرغم ما لا يقل عن مليون مواطن وخاصة في العاصمة بانغي على الفرار من منازلهم. والحقيقة أن المجموعة الإقليمية انساقت وراء رغبة فرنسا التي تدخلت عسكريا في هذا البلد وكانت أول من طالب جوتوديا بالانسحاب من رئاسة البلاد في ظل استفحال الأزمة الأمنية والسياسية التي تشهدها بلاده وعجز القوات الفرنسية المنتشرة فيه عن احتواء الوضع الأمني المنفلت. ومباشرة بعد هذه الاستقالة، أعلن رئيس البرلمان المؤقت، ألكسندر فيرديناند نجينديه، شغور مقعد الرئاسة، حيث دعا إلى عقد جلسة طارئة لانتخاب رئيس جديد للبلاد من المقرر عقدها بالعاصمة التشادية بنجامينا العاصمة التشادية بدلا من بانغي عاصمة إفريقيا الوسطى لدواع أمنية. ورحب قادة المجموعة المشاركون في قمة نجامينا باستقالة الرئيس ميشيل جوتوديا واعتبروها بمثابة خطوة باتجاه إخراج البلاد من حالة الجمود الذي تتخبط فيه. وأكدت مصادر مقربة من المنظمة الإقليمية أن قادة دولها طالبوا أعضاء المجلس الوطني الانتقالي لإفريقيا الوسطى الذي يمثل البرلمان الانتقالي بإعداد اتفاق يقضي باستبعاد الرئيس الانتقالي ووزيره الأول. وهو ما رفضه في بادئ الأمر نواب من المحسوبين على الرئيس جوتوديا وآخرون مقربون من الوزير الأول مما تسبب في تعطيل المحادثات لفترة قصيرة قبل استئنافها مجددا صباح أمس. غير أن التصويت الذي أجراه أعضاء البرلمان الانتقالي الذين تم نقلهم إلى نجامينا صب في اتجاه تغيير الدستور الانتقالي لإفريقيا الوسطى من أجل فتح الباب أمام استقالة الرئيس ووزيره الأول. يذكر أن جوتوديا وصل إلى السلطة العام الماضي بعد أن سيطر تحالف المتمردين المعروف باسم "سيليكا" على العاصمة بانغي وأرغم الرئيس السابق فرانسوا بوزيزي على الاستقالة ومغادرة البلاد شهر مارس الماضي. ودخل على إثرها هذا البلد الإفريقي في موجة عنف طائفي بين المسلمين والمسيحيين دفعت بفرنسا إلى اتخاذ قرار بالتدخل عسكريا نهاية العام الماضي ضمن مهمة أطلقت عليها اسم "سنغاريس". وأرسلت باريس المئات من جنودها لدعم قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي ضمن مهمة لإقرار السلام في المستعمرة الفرنسية السابقة. لكن ذلك لم يحل دون وقف أعمال العنف الطائفي التي استمرت بل وازدادت خطورة ورمت بالبلاد في متاهة الحرب الطائفية التي أصبحت تهدد بانقسام البلد الى جزأين شمال يقطنه المسلمون وجنوب يقطنه المسيحيون.