تشكل قضية الاعتراف ب "يهودية دولة" إسرائيل التي يصر عليها وزير الخارجية الأمريكي، عقبة أخرى أمام تقدم مفاوضات السلام الجارية، والتي من المفروض أن تنتهي شهر أفريل الماضي، باتفاق سلام يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدسالمحتلة. وبدلا من أن يقوم رئيس الدبلوماسية الأمريكية جون كيري بلعب دور الوسيط غير المنحاز في تسوية هذا الصراع، راح يدافع عن أفكار إسرائيلية تبنيها؛ يعني القضاء تماما على حق الفلسطينيين في العيش في أرضهم وأرض أجدادهم. وهو ما جعل الجانب الفلسطيني يؤكد أن الإصرار الأمريكي مع الإصرار الإسرائيلي على إدراج "يهودية الدولة العبرية" ضمن اتفاق الإطار في مفاوضات السلام الجارية، يشكل عقبة رئيسة أمام نجاح هذه المفاوضات. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن "هناك عقبات مهمة جدا، أبرزها يهودية الدولة"، التي تطالب إسرائيل الفلسطينيين بالاعتراف بها. وأضاف المالكي: "هذه القضية مازال الوزير كيري يعتقد أنها ضرورية أن تكون ضمن أي اتفاق إطار، ولازال الجانب الفلسطيني يرفض القبول بها قطعيا". من جانبها، حذّرت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من خطورة المطلب الإسرائيلي بضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، وقالت إن الاعتراف "يلغي كل الحقوق الفلسطينية". وهو ما جعل عشراوي تؤكد على أن "محاولة إسرائيل إجبار الفلسطينيين على الاعتراف بدولة يهودية، تُعتبر قضية إيديولوجية عقائدية ومحاولة ربط توراتي بتواجد اليهود على أرض فلسطين منذ القدم". وقالت إن "يهودية الدولة مسمى يلغي الطرف الآخر وإيجاد رواية تنفي الوجود الفلسطيني والحق الفلسطيني والاستمرارية على أرض فلسطين التاريخية، ويمثل تشريعا للعنصرية والتمييز الذي تمارسه إسرائيل ضد المواطن الفلسطيني". وأضافت أن "أي يهودي في العالم له الحق في العيش في فلسطين، ولا يحق لأحد غيرهم السكن فيها"، وهو ما يعني إلغاء حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا من منازلهم وأراضيهم قبل عقود من الزمن. ويتأكد من خلال هذه التصريحات الرفض الفلسطيني القاطع لمثل هذا الشرط الذي وضعته حكومة الاحتلال، وتحاول جاهدة إرغام الفلسطينيين على قبوله. وحتى إن اعتبر كيري أن مفاوضات السلام قد بلغت مرحلة حاسمة، فالمؤكد أن إصراره على "يهودية الدولة" من شأنه أن يعيد هذه المفاوضات إلى نقطة الصفر، بل أكثر من ذلك، إلى فشلها؛ مادام الوسيط الأمريكي منحازا للطروحات الإسرائيلية على حساب إهدار مزيد من الحقوق الفلسطينية.