تحتضن جامعة الجزائر “2” منتصف أفريل 2014، مؤتمرا دوليا حول “آليات عملية لتفعيل حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع”، يتضمن عدة محاور ويشارك فيه مختصون في علم الاجتماع من دول عربية وغربية، منها جنوب إفريقيا، بريطانيا، كوريا الجنوبية واليابان، إلى جانب الأردن، المغرب، قطر وغيرها. سيناقش المؤتمر على مدار 3 أيام إشكالية واقع الأطفال اليوم في ظل القوانين الدولية والنصوص التشريعية. كشفت الدكتورة صباح عياشي رئيسة مخبر الأسرة، التنمية والوقاية من الانحراف والإجرام بجامعة الجزائر”2” ورئيسة المؤتمر الدولي الأول حول”آليات عملية لتفعيل حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع”، في حديثها إلى “المساء”، أن تنظيم هذا المؤتمر جاء بهدف فتح حوار علمي حول حقوق الطفل بين الباحثين والمتخصصين في كل الميادين، منها ميدانا علم الاجتماع وعلم النفس لحصر المشاكل التي يعاني منها الطفل في مختلف البلدان.
مكانة مميزة للطفولة في المجتمعات عندما يتم الحديث عن حقوق الطفل، لا بد من الإشارة إلى مدى أهمية الأسرة في ذلك، خاصة أن هذه المؤسسة الاجتماعية لها أهمية كبرى في نشأة الطفل، فأهل الاختصاص يشيرون إلى أن احتياجات الطفل لا تنحصر في الماديات، بل ترتكز أساسا على الاهتمام بنفسيته إلى حد كبير. ولأن الطفل في عالمنا المعاصر يحظى باهتمام متزايد، وما وضع العديد من الاتفاقيات التي تعمل على حماية وترقية حقوقه والمؤتمرات والبحوث العلمية التي تعنى بقضاياه وتجنيد الدول لتجسيد مختلف حقوقه على أرض الواقع، سواء في مجالات الهوية، التعليم، الصحة، الأمن والحماية من كل استغلال وغيرها، إلا مؤشرات دالة على المكانة المميزة التي تشغلها الطفولة في مجتمعاتنا المعاصرة، تقول الدكتورة عياشي في عرضها لإشكالية المؤتمر الدولي، مضيفة أنه رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1959، المنظمة العالمية للطفولة ‘اليونيسيف'، ومختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لمختلف البلدان، من بينها الجزائر التي صادقت على عدة اتفاقيات، أولها حقوق الطفل منذ 1992، قامت بإعداد مخططات وطنية بالتعاون مع مختلف القطاعات العمومية المكلفة بالطفولة إلى جانب “اليونيسيف”، وكان آخرها المخطط الوطني للطفولة سنة 2008، إلا أنه وبفعل التحولات التي تعيشها المجتمعات فإن الواقع المعيش يبرز وينذر بوجود مشاكل وأزمات اجتماعية يعاني منها الأطفال (سوء التغذية، سوء المعاملة، العنف، التشرد، التسول، المخدرات، التسرب المدرسي، الاستغلال الجنسي، سوء التكفل النفسي والاجتماعي، الحرمان من الترفيه). هذه المحاور سبق أن طرحت للنقاش من خلال المحاضرات والندوات التي تقام بين حين وآخر، مما يوضح مدى وعي الحضور في تلك الفعاليات بأهمية الإشكاليات المطروحة خلالها، إلا أن تكرار مشاهد العنف بكل إشكاله الذي يتعرض له الطفل يجعلنا نؤمن بمدى جهل الكثير من الأسر وغيرها من المؤسسات تلك الحقوق. تشير الدكتورة مضيفة أن ما نلاحظه اليوم من أزمات وفوارق في مدى استفادة أطفال العالم (شرعيين، غير شرعيين وذوي الاحتياجات الخاصة) من حقوقهم المشروعة يجعلنا نطرح التساؤلات التالية: كيف يمكننا أن نعزز وعي الأسرة والمجتمع لحقوق أطفالها؟ وهل وعيها وحده كفيل بأن نضمن حقوق الطفل أم لابد من المتابعة والتدخل من قبل الجهات المعنية؟
محاور المؤتمر سيتم مناقشة تساؤلات أخرى خلال المؤتمر الدولي الأول هذا لمعرفة إلى أي مدى وصلت جهود مختلف الدول لوضع آليات عملية بغية تفعيل حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع، ما هو واقع الأطفال اليوم في ظل القوانين الدولية والنصوص التشريعية؟ وما هي التحديات الراهنة لتجسيد طفولة آمنة تحظى بكل حقوقها المشروعة محليا ودوليا؟ هذه التساؤلات سيتم مناقشتها من طرف مختصين في علم الاجتماع والنفس من الجزائر ودول عربية وغربية عبر 3 محاور: الأول يخص مكانة وحقوق الطفل في العالم في مختلف الأديان والمواثيق الدولية وفي القانون الجزائري. أما المحور الثاني، فتم تقسيمه إلى موضوعين اثنين يتضمنان عدة مداخلات حول واقع الطفل أثناء الاستعمار، الحروب والإرهاب، وكذا واقع الطفل اليوم ومظاهر انتهاك حقوقه في الأسرة والمجتمع من خلال الصحة والوقاية (العلاج من الأمراض، التغذية، الرعاية والتكفل والترفيه)، هناك أيضا محور حول الأمن والحماية (سوء المعاملة، العنف، عمالة الأطفال، التشرد، الاختطاف، القتل، الاستغلال الجنسي، المخدرات...)، وآخر موضوع في هذا المحور يخص التربية والتعليم (ما قبل التمدرس، التمدرس وأيضا التسرب المدرسي). أما المحور الثالث للمؤتمر، فيخص آليات عملية لتفعيل حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع، وهو المحور الرئيسي للمؤتمر، وعبره سيتم عرض تجارب ملموسة من خلال 5 مواضيع أساسية هي: دور الأسرة: أساليب تربوية وممارسات ثقافية، دور الهيئات والمؤسسات الدولية والمحلية (وزراة التضامن والأسرة، وزارة التربية ووزارة الصحة)، دور المختصين في علم الاجتماع العائلي والطفولة، علم النفس، الطب وكذا الحقوق...، كما ستبرمج مداخلة حول دور الإعلاميين ومختلف المختصين في التحكم في تكنولوجيات الإعلام لصالح الطفولة (الأنترنت، التلفزة وغيرها). وفي الأخير سيتم الحديث عن دور المجتمع المدني (الجمعيات والأحزاب...). جدير بالذكر أن من الأهداف المسطرة لهذا المؤتمر الدولي الأول، يظهر هدفان محوريان هما حصر الاطلاع على البرامج العملية والإستراتيجيات لحماية الأطفال من مختلف المظاهر التي تسيء لحقوقه، إلى جانب التعرف على واقع الدراسات والبحوث التي تعنى بالطفولة في ميادين العلوم الاجتماعية، النفسية، القانونية والصحية.