الجزائر حررها أبناؤها، وهم الأولى بتعميرها وبنائها وتشييد اقتصادها، فالاستثمار الأجنبي يظل -في كل الأحوال- عاملا مساعدا وليس أساسيا في تنمية الاقتصاد الوطني، لأن القاعدة تقول: رأس المال جبان، والجزائر اليوم لديها من الإمكانيات المادية والقدرات والمؤهلات البشرية ما يمكنها من تبؤ مكانة مرموقة بين الدول الكبرى، بالاعتماد على الذات، فالجزائري مولع بالتحدي بل يسكن كيانه. في 28 أكتوبر 1962 أي بعد الاستقلال مباشرة أفرغت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، من الفنيين والإطارات الفرنسية التي كانت تشرف على تسييرها. فبادر ثلة من أبناء الجزائر الوطنيين إلى تحمل المسؤولية وسد الفراغ رغم قلة الإمكانيات والخبرات المحدودة، ولم تتوقف المؤسسة، وظل صوتها عاليا مدويا في أرجاء المعمورة وكان لها دور كبير في تعبئة الجماهير، والمشاركة التنموية الوطنية. وفي 24 فبراير 1971، عندما أخذت القيادة آنذاك قرار تأميم ثرواتنا البترولية والغازية، وخطوط نقلهما، غادر أيضا الفنيون والمهندسون والمسيرون الأجانب البلاد، بهدف خلق أزمة بترولية، لكن أبناء الجزائر الأوفياء بادروا إلى أخذ زمام الأمور، وبكدهم وجهدهم وعرقهم استمر تدفق البترول، ولم يتوقف لثانية، وكانوا قدوة لغيرهم، ففي 1972 أعلن العراق تأميم بتروله، ثم تلته ليبيا في سنة 1973. واليوم وبعد مرور عام على أحداث الهجوم الإرهابي على مركب الغاز بيتيقنتورين (16 جانفي 2013)، نجد العمال والإطارات الجزائرية يقومون بنفس المهمة إذ بعد مغادرة العمال الأجانب أرض الوطن، باشر عمال سوناطراك من مهندسين، وإطارات أشغال الإصلاح بهدف إعادة الإنتاج بهذه المؤسسة الحيوية. وبعد مرور ما يقارب الشهر على الحادث أشرف الوزير الأول، عبد المالك سلال، على إعادة تشغيل وحدة الإنتاج رقم (1) التي تنتج 35٪ من الإنتاج الكلي، بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لتأميم المحروقات، وبالمناسبة وجه الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، عبد الحميد زرقين، رسالة شكر وتقدير إلى عمال المجمع على المجهود الذي بذلوه من أجل إعادة تشغيل الوحدة رقم (1). وبعد مرور كل هذا الوقت، ورغم تنفيذ السلطات الجزائرية كل مطالب الشركاء من ضمان الأمن، وإنجاز مهبط للطائرات بالقاعدة، إلا أن الشركاء مازالوا يماطلون ويختلقون الذرائع لعدم العودة وإعادة تشغيل المصنع بكامل طاقته، إلى درجة أن البعض اتهمهم بابتزاز السلطات الجزائرية، لكن رغم ذلك فإن الإنتاج بمنشأة تيقنتورين سيستأنف في الأسابيع القادمة حسب تأكيد وزير الطاقة. وفي الأخير، يظل الفضل دائما للفنيين والإطارات الجزائرية في إنقاذ الموقف، وتبقى قاعدة 51/49 الضامن لاستمرارية الاستثمار والشراكة.