تحصي الجزائر حوالي 50 مريضا مصابا بالمرض النادر المعروف باسم الهيموغلوبين الليلي الانتيابي (h.p.n)، حيث نظمت الجمعية الجزائرية ل”ساندروم وليامز وبوران” للأمراض النادرة مؤخرا، يوما تحسيسيا حول هذا المرض ”اليتيم” قصد تحسيس السلطات الصحية ومطالبتها بأهمية توفير الدواء الخاص المسمى (الايكوليزوناب- Eculizumab) ، والمطالبة بإدراج هذا المرض ضمن الأمراض النادرة المتكفل بها، إلى جانب تحسيس المجتمع عموما بهدف تأسيس تربية علاجية ملائمة لهذا المرض. كشفت البروفسور نعيمة مسلي رئيسة مصلحة أمراض الدم بالمستشفى الجامعي لتلمسان خلال محاضرة ألقتها بمناسبة اليوم التحسيسي، أن مرض الهيموغلوبين الليلي الانتيابي لم يتم إلى الآن إدراجه ضمن قائمة الأمراض النادرة المتكفل بها، ”لهذا ندعو السلطات الصحية إلى إيلاء أهمية لهذا المرض وتوفير دواء (اكيولزوماب- Eculizumab) الذي يمنع تحطم خلايا الدم الحمراء لدى المصابين بزيادة الهيموغلوبين الليلي الانتيابي، وهو الدواء الوحيد الذي يعتبر أمل المصابين بهذا المرض، علما أن التكفل بالمرضى يكون حالة بحالة”، تقول البروفسور موضحة: ”صحيح أن هذا الدواء باهظ الثمن، لكن كما يقال الصحة مُكلفة لكنها لا تقدر بثمن، كما أننا إذا قارنا التكفل بمريض الهيموغلوبين الليلي الانتيابي ومريض السكري الذي يحقن نفسه بالأنسولين 3 مرات يوميا، فإننا نجد أن تكلفة علاج المريض الأول أقل مقارنة بالثاني، خاصة أن السكري يمس أكثر من 3% من سكان الجزائر، في الوقت الذي تشير الدراسات الفردية المقامة ببعض المصالح المتخصصة التي تستقبل مرضى الهيموغلوبين الليلي الانتيابي إلى أن عددهم بكامل الوطن وصل إلى حوالي 50 مريضا”. وتوضح المختصة التي قدمت محاضرة قيّمة معتمدة استعمال اللغة العامية للتعريف بالمرض وإيصال رسالتها العلاجية بطريقة أحسن، خاصة أن من بين الحاضرين كان هناك المرضى وذووهم، أن ”التربية العلاجية هي الطريقة الأمثل لإفهام المرضى طبيعة مرضهم وكيفية التعايش السليم معها، تماما مثلما تعتبر التربية العلاجية بالنسبة لمرضى السكري السبيل الأمثل لضمان تعايش جدي مع مرضهم، بالتالي إنقاص تعقيدات المرض بقدر كبير”. وثمنت المختصة خطوة الجمعية الجزائرية ل”تانذر وليامز وبوران” للأمراض النادرة، في تنظيم اليوم التحسيسي موضحة أن ”مثل هذه اللقاءات تسمح لنا كمختصين بالالتقاء مع المرضى خارج أسوار المصالح الاستشفائية، وكذا بذويهم لنؤكد مرة أخرى على أهمية التعاون المتبادل بين الطرفين، وأقصد بذلك أن المختص يقوم بعمل طبي علمي والمريض عليه أن يفهم مرضه في الوقت الذي يقوم أهله بالتعامل الصحيح مع المريض في حالة الإصابة بتعقيدات قد لا يتمكن المريض نفسه من مقاومتها، كما أن هذه الأيام التوعوية تسمح لنا بتصحيح المفاهيم بأن المرض النادر مثل الهيموجلوبين الليلي الانتيابي أو (h.p.n) غير قاتل إذا تم تشخيصه مبكرا”. من جهتها، كشفت الدكتورة سعاد شلغوم المتخصصة في أمراض الكلى ل”المساء”، أن المرض النادر المعروف ب (h.p.n) عبارة عن ”فقر الدم الناتج عن تحطم أو تكسر خلايا الدم الحمراء قبل انتهاء عمرها الزمني، حيث يمكن لفقر الدم أن يتطور بسبب عدم قدرة نخاع العظم على تعويض نقص كرات الدم الحمراء، مما يسبب العديد من المشاكل الصحية التي تهدد حياة المصاب، مثل الذبحة الصدرية، القصور الكلوي المزمن الحاد”، مضيفة بالقول بأن تتعدد العوامل التي تتسبب في فقر الدم الليلي الانتيابي والمرتبطة بدورها بطبيعة الأعراض السريرية التي قد تظهر على حالة مرضية ولا تظهر عند أخرى، مما يجعل التكفل بالمرضى يكون على حدة، إلا أن العديد من المصابين بهذا المرض النادر يتطور لديهم المرض من خلال القضاء على خلايا الكريات الحمراء بفعل خلل جيني، لذلك نؤكد أن هذا المرض اليتيم المسمى ب(h.p.n) ليس وراثيا، إنما هو مرض جيني”. ولا يمكن إعطاء رقم معيّن حول هذا المرض اليتيم، تضيف المختصة، مشيرة إلى إحصائيات عالمية خاصة بمنطقتي أوروبا وأمريكا الشمالية تتحدث عن وجود 15 حالة لكل مليون ساكن بأوروبا، و10 حالات لكل مليون ساكن في أمريكا الشمالية، أما في الجزائر فلم تجر بعد دراسة متخصصة لإحصاء مرضى هذا النوع من الأمراض النادرة، ”وإنما أشير هنا تقول الدكتورة شلغوم- إلى دراسة نقوم بها حاليا بمستشفى ”بارني” بمصلحة البروفسور فريد هدوم لأمراض الكلى حول المرض النادر المسمى ”الهيموغلوبينية” ذات النوبة الليلية الحادة، وحول مرض الهيموغلوبين الليلي الانتيابي، على عيّنة من 25 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 و15 سنة، لفهم هذين المرضين النادرين والوصول إلى تحديد عوامل الوقاية، وبدأنا كفريق طبي متخصص بهذه الدراسة قبيل سنة وما تزال جارية وسيتم عرض نتائجها قريبا”. كما توضح المختصة أن الفريق الطبي القائم على هذه الدراسة المتخصصة قام بتطوير تقنية الغسيل الدموي عند الأطفال المصابين بهذا المرض الذي تظهر أولى أعراضه في امتزاج الدم في البول أو احتباس البول لدى المريض، مما يسبب القصور الكلوي الحاد المزمن، وبفضل تطوير تقنية غسل الكلى عند الأطفال المرضى، سمح لنا كمتخصصين باكتشاف هذا المرض الخطير الذي ظهر عند عيّنة الدراسة، وأظهرت أولى النتائج أن 30% من حالات الإصابة سببها وراثي، يعود بالدرجة الأولى إلى زواج الأقارب، وهو ما يجعلنا نؤكد كمختصين أهمية الابتعاد عن الارتباط بين الأقارب، فقد لا يكون أحد الآباء مصابا بمرض نادر، لكن قد تظهر الجينات عند أحد الأبناء بما يفضي للوفاة، إذا لم يتم التشخيص بصفة مبكرة، بالتالي العلاج الملائم”. وبذكر العلاج الملائم، فإن المختصين كشفوا أن العديد من طرق العلاج لفقر الدم الانحلالي أو (h.p.n) ومن ذلك نقل الدم أو البلازما، نقل الدم في حالات فقر الدم الانحلالي المرتبطة بالأعراض المُزمنة، كما أن هناك الجراحة والقصد بها زراعة نخاع العظم أو الخلايا الجذعية: ”لكن هنا لا بد من توفر المتبرع الملائم للمريض حتى تكون الجراحة ناجحة”، تقول البروفسور نعيمة مسلي. في الوقت الذي تشير الدكتورة سعاد شلغوم إلى بعض الأدوية المساعدة أو العلاج بالعقاقير الستيرويدية في حالات فقر الدم الانحلالي المناعي المُزمن، منه العلاج بدواء (الايكوليزوناب -Eculizumab) الذي يساعد في عدم تحطم كريات الدم، بالتالي ربط بروتينات الدم التي يمكن أن تدمر خلايا الدم الحمراء لدى الأشخاص الذين يعانون من حالة وراثية تؤثر على الدفاعات الطبيعية لخلايا الدم الحمراء، بمعنى أن هذا الدواء يوقف المناعة على أن تتحول إلى عدو يعمل على تدمير بروتينات الدم وتدمر الكريات الحمراء، بالتالي الجسم كله.