لم يسبق لفريق مولودية وهران أن بلغ بيته درجة من التعفن، كما هو عليه في هذه الأيام، وهذا بشهادة واعتراف العقلاء ومحبيه الحقيقيين، حيث يوجد القائمون على أموره في مفترق الطرق، بعد الخسارة المرّة التي تكبّدها زملاء الحارس بلعربي الجولة الماضية بميدانهم أمام وفاق سطيف. ولا يبدو أن انعكاسات هذا التعثر ستضمحل بسهولة، فالرئيس جباري، وكعادته مع كل تدهور لحال ونتائج المولودية، خرج على الجميع مصرحا بأنه ينوي الانسحاب من الفريق دون تجسيد لذلك. ومن يعرفونه جيدا يؤكدون بأنها مناورة ومحاولة منه لمعرفة قيمة أسهمه عند ”الحمراوة”، حتى وإن وقف عندها طيلة وقت مباراة سطيف، عندما انهالت عليه ألسن الأنصار سبا وشتما، بررها الرئيس الحالي للفريق بأنها مؤامرة ضد شخصه دُبّرت بليل. ويذهب هؤلاء العارفون أبعد، عندما يجزمون بأن جباري لن يغادر المولودية إلا إذا حدثت الكارثة وسقطت إلى القسم الأسفل للمرة الثانية في مشوارها الكروي؛ لأنه، وببساطة، حسب نفس المتحدثين، لم يجد معارضة صلبة تُجبره على حساب خطواته جيدا كما كان أيام المرحوم قاسم ليمام؛ لأن من تشجّع وقفز لرئاسة المولودية بعد رحيل هذا الأخير لم يصمد أمام جباري. وإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الملفات التي يُنتظر أن يفصل فيها رئيس الفريق، كمستحقات بعض اللاعبين، الذين كانوا تلقّوا صكوكا بنكية حدد لهم تاريخ يوم صرفها؛ فضلا عن آخرين لم يتلقوا ولا فلسا واحدا وبأي صيغة كانت، ويرفضون هم كذلك رحيل جباري، الذي كان أعطاهم ضمانات بقبض أموالهم في المستقبل القريب، إضافة إلى ذلك، أمر العارضة الفنية التي صنعت منها الإدارة مشكلا بعد هزيمة الجولة الماضية، وإلى حد الآن لايزال التخبط يميّز تحركاتها بخصوص هذه النقطة، فلا هي أقالت الطاقم الفني بقيادة جمال بن شاذلي ولا جلبت خليفته، ومناورات الإدارة بتدعيم العارضة الفنية بتقنيين آخرين لإجبار بن شاذلي على الاستقالة قد يسقط في الماء؛ لأن الأخير محصَّن بعقد صلب تخشى الإدارة عواقبه إن هي أخلّت به، وحتى المدرب السويسري راؤول صافوا الذي اتصل به المناجير العام حدو مولاي، يُدخلها نفس العارفين من ضمن مناورات الإدارة باتجاه مدربها؛ فصافوا قد لا يأتي لأنه مرتبط بعقد مع الفريق الثاني لنادي أف.سي.سيون السويسري، وهو وإن أكد خبر الاتصال به ورغبته في العودة للإشراف على المولودية، إلا أنه اشترط أن يكون عمله على المدى المتوسط أو البعيد، لا أن يُعتبر سدا لثغرة أو مهمة رجل مطافئ ولإنهاء الموسم فقط، ومن يملكون ذاكرة قوية لا يستحضرون مدربا مر على المولودية وعمل كما تمنّى ويتمنى صافوا. ويبقى الأهم في كل هذا شبح السقوط، الذي أضحى يهدد المولودية الوهرانية أكثر من ذي قبل، فهي على بعد ست نقاط فقط عن الساقط الأول في لائحة الترتيب، والرزنامة المتبقية لزملاء فريد بلعباس جهنمية وتتضمن لقاءات قوية جدا، فهم سيتنقلون إلى ملعب عمر حمادي لمجاراة مولودية الجزائر الراغب بشدة في تعويض ما ضيّعه من نقاط في ملعب دمان دبيح بعين مليلة أمام شباب عين فكرون، وكانت تلك هزيمة مضرّة جدا لمعنويات العاصميين، وبعدها سيستضيف الوهرانيون شبيبة القبائل الراغبة في التنافس على اللقب مهما كلّفها ذلك من ثمن، ثم سيرحلون لمقابلة شباب قسنطينة، الذي نشّطه كثيرا تأهله إلى الدور ربع النهائي من منافسة كأس الجمهورية، فكل هذه المواجهات والأخرى اللاحقة، تتطلب استعدادا جيدا لها، خاصة من الناحية المعنوية، وهي حاليا في الحضيض، وهذا باعتراف التقنيين الذين يشرفون على حظوظ المولودية، حيث أكد أحدهم، وهو المدرب المساعد بشير مشري في حوار مع ”المساء” نُشر أول أمس، أن لاعبيه ضعيفون نفسيا، وأن ”الحمراوة” مخطئون لما استبدلوا الفعل بكثرة الكلام، وسفينة فريقهم في مفترق الطرق، بل وتغرق شيئا فشيئا. أما الأنصار وإن يلامون على خروجهم عن الإطار الرياضي في بعض الأحيان، إلا أن من يعرف حبهم وتعلقهم الشديد بفريقهم يعذرهم؛ لأنهم لم يجدوا من وسيلة للتعبير عن تذمرهم من أوضاع فريقهم، الذين عايشوا عزّه في السابق، واليوم تحوّل إلى أضحوكة لدى منافسيه وخصومه، وأحيانا شفقتهم غيّرت طريق ما فعلوا في مقابلة النسر السطايفي.