سينطلق المجلس الشعبي الولائي في تجسيد برنامج ترميم العاصمة في الأيام القليلة القادمة بالتنسيق مع وزارة السكن ، حيث أحصت مديرية البناء والتعمير بالولاية 220 ألف سكن تحتاج إلى التدخل العاجل بقلب العاصمة، حسبما أكده المدير السيد علي بن ساعد ل “المساء”، كما تعمل السلطات الولائية على الإسراع في استكمال دراسة مشروع 20 وحدة سكنية الذي يمس أصحاب سكنات غير لائقة، يضيف نفس المسؤول. أكد السيد علي بن ساعد أنه تم تعيين عدة متعاملين عموميين، على غرار دواوين الترقية والتسيير العقاري ومديرية تهيئة وهيكلة الأحياء للإسراع في وتيرة العمل وإنهائه في ظرف ضيق، حيث خصت الولاية بالبرنامج الأولي قلب العاصمة بعدما قامت بدراسة مخطط التعمير ولوحظ في الحظيرة السكنية أن هناك سكنات قديمة تستدعي التدخل العاجل بكل من حي العربي بن مهيدي، زيغود يوسف وحسيبة بن بوعلي، يقول نفس المصدر. وأشار نفس المسؤول إلى أن هذه العملية تجري أيضا بالتنسيق مع البلديات الغنية التي تملك فائضا ماليا، مثل بلدية الدار البيضاء، حيث أوضح أن مثل هذه البلديات ستأخذ على عاتقها عملية الترميم بمختلف بلديات العاصمة عن طريق المساهمة بالأموال والعتاد. لكن في المقابل، هناك بنايات متضررة ببلديات أخرى تحتاج إلى التدخل، حسبما أكدته الجولة الاستطلاعية التي قادت “المساء” إلى كل من بلدية القصبة، باب الوادي وعين البنيان قبل حدوث ما لا يحمد عقباه.
القصبة.... مصير مجهول؟ أكدت الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى بلدية القصبة العريقة أن هذه المنطقة تعيش مشاكل عديدة، تأتي في مقدمتها السكنات الهشة، ويقصد بها العائلات التي تعيش في “الدويرات” القديمة، حسبما أكده ل “المساء” رئيس المجلس الشعبي البلدي، السيد رشيد ايديون الذي أوضح أن مصير القصبة معلق بين لجنة الترميمات التي تشرف عليها ولاية العاصمة ووزارة الثقافة التي تعمل على استرجاع هذا المعلم التاريخي لاستغلاله ثقافيا، لكن في المقابل يعيش المواطن خطر الموت سواء تعلق الأمر بالسكان أو المارة من أزقة القصبة بسبب هشاشة جدران سكناتها التي لم تنفع معها سياسة “البريكولاج”، بوضع الأعمدة الخشبية التي غيرت من وجه هذه البلدية، كما أن هذه الإستراتيجية لم تحل دون إنهاق أرواح المواطنين بدليل الحوادث التي وقعت في المنطقة وانهيار العديد من الدويرات ليذهب ضحيتها العديد من المواطنين كبار، صغار والبلدية لا تملك الصلاحية في التدخل، يشرح لنا نفس المسؤول.
60 بناية مهددة بالانهيار و600 عائلة تعيش أمل الترحيل أوضح المسؤول الأول في بلدية القصبة ل “المساء” أنه في حيرة من أمره ولم يعد قادرا على تقديم الوعود للسكان الذين يستقبلهم في كل أسبوع، حيث أوضح أن سكان القصبة كان من المفترض أن يرحلوا في أواخر السنة الماضية، لكن الأمور تسير عكس التيار، مشيرا إلى أن بلدية القصبة تملك 60 بناية هشة مصنفة في الخانة الحمراء و200 دويرة هشة تحتاج إلى إعادة ترميم بطريقة جدية، حسب اللجنة التقنية للبلدية التي قامت بعملية الإحصاء بالتنسيق مع مصالح ال “سي. تي. سي”، كما تنتظر 600 عائلة ترحيلها إلى سكنات لائقة لأنها تعيش خطر الموت بسبب احتمال تعرض منازلها للسقوط في أية لحظة، حيث طالب المسؤول الأول لبلدية القصبة والي ولاية العاصمة الذي زار المنطقة بالتدخل لإنقاد أرواح المواطنين قبل وقوع الكارثة.
أشغال الترميم المسندة لوزارة الثقافة توقفت بالقصبة أكد السيد رشيد ايديون أن بلدية القصبة قطاع محفوظ، حيث انطلقت أشغال الترميم التي تشرف عليها وزارة الثقافة منذ أزيد من سنتين على مستوى الدويرات التابعة للخواص الذين استجابوا ووافقوا على القرار الذي اتخذته البلدية بمعية وزارة الثقافة لشراء الدويرات العتيقة التي تركها ملاكها أو الورثة مهملة ومغلقة بموافقتهم، أو إدراجها في إطار عملية الترميم التي ستمس كل البنايات العتيقة، حتى ولو رفضوا بيعها لمديرية الثقافة، لكن في المقابل أوضح نفس المسؤول أن هذه الدويرات لم تر ترميمات في المستوى وتوقفت الأشغال لأسباب مجهولة ، لذا لابد للوزارة أن تنطلق في العمل مرة أخرى وبطريقة محترفة، مشيرا إلى أن بلديته لا يمكنها استكمال هذا المشروع لأنها لا تملك ميزانية مالية كافية، حيث تقدر ب 40 مليون سنتيم، لا تكفي لتسديد مستحقات عمال البلدية، لذا طالب المعنيين بالتكفل بالمشروع وإتمامه في أقرب الآجال لتفادي الأخطار التي قد تعود على السكان الذين يقطنون في بعض الدويرات.
عائلات بباب الوادي تستنجد والسلطات تتكتم الزيارة الثانية قادتنا إلى بلدية باب الوادي التي تطبعها البنايات القديمة والتي أطلق عليها تسمية “عمارات الموت” لأنها آيلة للسقوط ويعود تاريخ إنجازها للحقبة الاستعمارية، حيث يعيش سكانها في هذه العمارات المصنفة في الخانة الحمراء، حسبما أكدته شهادات السكان ل “المساء”، حيث أكد هؤلاء بأن الخوف لم يقتصر على القاطنين بهذه المباني، بل انتقل إلى المارة الذين يستعملون الشوارع المحاذية للبنايات الهشة الآيلة للسقوط، والموضحة من خلال شرفاتها المتآكلة وجدرانها المتشققة، إذ غالبا ما تنهار فوق رؤوسهم محدثة خسائر مادية معتبرة، وتحصد أرواح العديد من الأشخاص بعد إهمال السلطات المحلية، رغم علم هؤلاء المسؤولين بالوضع السائد الذي يشتكي منه المواطنون، واقتربت “المساء” من مكتب السلطات المحلية للتأكد من صحة كلام المواطنين، لكن للأسف لم تفتح بلدية باب الوادي أبوابها لنا وقوبلنا بالرفض من طرف أعوان البلدية عند بوابة المدخل.
17 عائلة بشارع آيت عمر تعيش خطر الموت واصلت “المساء” زيارتها ببلدية باب الوادي، ونحن نتجول، لفتت انتباهنا العمارة الموجودة بشارع محمد آيت عمر المحاذي لمقر البلدية، هذه العمارة سبق ل “المساء” زيارتها منذ ثلاث سنوات على الأقل واعتقدنا أنه تم ترحيل سكانها لأنها منهارة تماما ولا يمكن لأي شخص العيش بها، لكن شاءت الصدف أن نكتشف أن العائلات ال 17 التي تقطنها بها لا تزال بداخلها، لأنها لم تجد البديل، حيث اقتربنا منها وأكد لنا أفرادها، وهو شيخ متقدم في السن، بأنه يعيش وأولاده في هذه المنطقة منذ سنة 1963، ولم تتحرك السلطات لإنقاذهم من خطر الموت رغم الشكاوى العديدة المودعة لدى مصالحهما، ومع بداية السنة الجديدة 2014، طلب رئيس المجلس الشعبي البلدي المنتخب مؤخرا من هؤلاء تجديد ملفات السكنات الاجتماعية، الأمر الذي زاد من مخاوفهم وفقدوا بالتالي الأمل في الترحيل - يقول نفس المصدر - وعليه يتساءل السكان عن دور المسؤولين الذين لم يحركوا ساكنا، متهمين إياهم بتجاهلهم أمر هذه العمارات الهشة، فيما طالب قاطنو المباني المهددة بالانهيار بضرورة التزام السلطات بالجدية ووضع استراتيجية محكمة تكفل ترحيل تلك العائلات أو إعادة ترميم بيوتها تحت تقنيات مناسبة، لحماية أرواح المواطنين العزل، فهل تصغي السلطات الوصية لصرخة سكانها المتضررين؟
زلزال 1996 تسبب في هشاشة البنايات بعين البنيان وفي وجهتنا الثالثة إلى بلدية عين البنيان غرب العاصمة، اكتشفنا أن هشاشة العمارات الموجودة على حافة الواجهة البحرية تعود إلى سنة 1996، تزامنا مع الزلزال الذي مس هذه المنطقة، حيث أكد مدير البناء والتعمير لهذه البلدية، السيد شريف زياني ل”المساء”، أن أغلبية الأحياء تطبعها عمارات هشة يفوق عددها ال 1000 بناية، البعض منها يحتاج إلى الترميم والآخر إلى الترحيل، حيث ستقوم مصالح البلدية بتهديم عمارتين آيلتين للسقوط؛ الأولى بحي فيكتور أوغو والثانية بشارع العقيد سي محمد، وهما العمارتان التي زرناهما وتأكدنا من استحالة العيش بهما، لكن في المقابل اكتشفنا أن عائلتين تقطنان في عمارة بشارع فيكتور أوغو توجهان نداء استغاثة إلى والي ولاية العاصمة،، حيث قررت بلدية عين البنيان طردهما إلى الشارع من أجل التهديم بدل ترحيلهما إلى مكان لائق، وهو الأمر الذي رفضتاه وقررتا رفع ندائهما إلى السلطات العليا لاستغاثتهما، كما أشار السيد زياني إلى أن البلدية خصصت مبلغ 300 مليون سنتيم لإعادة ترميم بعض البنايات القديمة في انتظار القرار الذي ستصدره ولاية العاصمة في هذا الموضوع.
مشاريع سكنية ضخمة بعين البنيان والبلدية تطلب حصتها من جهة أخرى ، أكد نائب الرئيس المكلف بالبناء والتعمير بعين البنيان، السيد بن عزو كمال ل”المساء”، أن بلديته تشهد إنجازات سكنية كبيرة لكنها من نصيب سكان بلديات أخرى، الأمر الذي جعل سكان بلدية عين البنيان ينتفضون ويطالبون بحصتهم السكنية، مؤكدين أنه من غير المعقول أن تنجز سكنات ببلديتهم ويستفيد منها غيرهم، كما يشير نفس المسؤول إلى أن العديد من العائلات التي تقطن بسكنات هشة تنتظر الترحيل، خاصة بحي فيكتور أوغو ، شارع 31 العقيد سي محمد، شارع ضيف الله، شارع زغرور، حي سكوتو، حي التقدمي، حي المنظر الجميل، حي 11 ديسمبر، سكان الأقبية وسكان مدرسة وريدة مداد الذين يستغلون هذا المرفق للعيش به في ظل غياب الحصص السكنية، مشيرا إلى أن بلدية عين البنيان تشتكي من نقص الهياكل التربوية، لكن في المقابل نقص الحصص السكنية جعل سكان البلدية يعيشون في المدارس، كما أن سكان الواجهة البحرية يعيشون خطر الموت.