إن معايير نزاهة الانتخابات التي جاءت بها المواثيق العالمية (الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لمعايير الانتخابات الحرة والنزيهة الصادر عن اتحاد البرلمان الدولي”، كلها تؤكد على أن يكون لكل مواطن الحق في التصويت في أي انتخاب يجري في بلده. وأن يكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وأن يكون كل ناخب حرا في التصويت للمرشح الذي يفضله أو لقائمة المترشحين التي يفضلها، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين، أو قائمة معنية وأن يكون الاقتراع سريا، كما يجب على الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية لتمكين الأحزاب والمترشحين من فرص متساوية لعرض برامجهم الانتخابية في وسائل الإعلام المملوكة للدولة، كما تضمن حق وصول ممثلي الأحزاب السياسية والمراقبين المعتمدين المحليين والدوليين ووسائل الإعلام إلى كل مراكز الاقتراع. والجزائر بصفتها دولة ديمقراطية تستمد فيها السلطة من الإرادة الشعبية بواسطة الاقتراع السري، تعمل دوما على ترسيخ هذه المبادئ المذكورة أعلاه لأجل أن تكون العمليات الانتخابية مطابقة لمعايير النزاهة والحياد، المعمول بها دوليا. إلا أن بعض الأحزاب ورجال السياسة دأبوا على التشكيك في هذه النزاهة والحياد، قبل إجراء أي اقتراع، بل ويذهب البعض منهم إلى الدعوة إلى المقاطعة. وهذا في اعتقادنا مساس أو تعد على أحد الحقوق الأساسية للمواطن وهو الحق في التصويت، كما أن عملية الضغط على شخصية من الشخصيات السياسية لعدم الترشح يعد تعديا على حرية الأفراد في ممارسة حقوقهم السياسية. ثم إن مثل هذه الأعمال تعد تدخلا سافرا يثني الإرادة الشعبية التي هي مصدر كل السلطات ومصادرة لحرية التعبير لدى المواطن في اختيار من يمثله أو من يضع فيه الثقة الكاملة لتولي زمام أموره. وهذا يعد نوعا من الاستبداد بالرأي والترهيب، وخروج عن المبادئ الديمقراطية التي تساوي بين المواطنين في الواجبات والحقوق بغض النظر عن انتمائهم الفكري والسياسي والعقائدي. والأحرى بالطبقة السياسية أن تعمل على إرساء قواعد للتنافس على السلطة تحترم فيها حق المواطن في التعبير عن رأيه في اختيار الشخص الذي يراه مناسبا بكل حرية، دون أي مساس بها بأي شكل من الأشكال.