وقع الرئيس الأوكراني فيكتور ايانوكوفيتش ومسؤولي المعارضة بحضور وسطاء أوروبيين، أمس، على اتفاق لإنهاء الأزمة في أوكرانيا بعد المواجهات الدامية التي عرفها قلب العاصمة كييف طيلة الثلاثة أيام الأخيرة وخلف مصرع قرابة مائة شخص متظاهر وعناصر الجيش ومئات المصابين. وتضمن الاتفاق تنازلات كبيرة لصالح المعارضة من بينها قبول الرئيس ايانوكوفيتش بتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وتشكيل حكومة ائتلافية وتعديل دستور البلاد الحالي بآخر أكثر انفتاحا وديمقراطية. وقال وزير الخارجية البولوني، رادوسلاف سيكورسكي، الذي قاد وساطة أوروبية بين السلطات الاوكرانية والمعارضين لها أنه اتفاق جيد لأوكرانيا كونه سيعطي الأمل في استعادة السلم والشروع في إصلاحات سياسية. ويكون الرئيس الأوكراني بذلك قد تجنب الاسوأ بنزعه فتيل الحرب الأهلية التي كادت أن تعصف ببلاده بعد أن تمكن من إقناع المعارضة بمقترحاته التي طرحها من أجل احتواء أزمة حادة وضعت البلاد أمام مستقبل مجهول. وقال اولاغ تيانيبوك أحد قيادات المعارضة إن هذه الأخيرة قبلت بالمقترحات الحكومة الداعية إلى إجراء انتخابات رئاسية مسبقة وتشكيل حكومة ائتلافية وإدخال تعديلات دستورية لانفتاح سياسي وديمقراطي في البلاد. وجاءت هذه التطورات الايجابية بعد أن أكدت مصادر الوساطة الأوروبية التي قادها وزير الخارجية البولوني أن المفاوضات بين الرئيس الأوكراني وزعماء المعارضة بلغت مرحلة الانسداد وأعطى الاعتقاد أنها سائرة باتجاه الفشل المحتوم قبل أن تأتي تصريحات زعيم المعارضة لتنفي ذلك. وكان الرئيس الأوكراني قدم مقترحاته بتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة والعودة الى دستور 2004 للحد من صلاحيات الرئيس لصالح نواب البرلمان والحكومة. وشكل هذا أكبر تنازل سياسي قدمه الرئيس ايانوكوفيتش لصالح المعارضة ومن أجل احتواء الأزمة وخاصة بعد ليلة حمراء عاشتها ساحة الميدان، حيث قتل عشرة أشخاص من المتظاهرين وقوات الجيش بما رفع حصيلة هذه الأزمة الدامية منذ الثلاثاء الماضي الى ثمانين قتيلا. وفي حال سارت الأمور بشكل عادي يمكن القول أن الرئيس الأوكراني استطاع أن يوقف حمام الدم الذي عاشه قلب العاصمة كييف منذ الثلاثاء الماضي وكاد يؤدي بكل البلاد إلى حرب أهلية بنتائج وخيمة. ورغم ذلك فإن المتظاهرين شددوا سيطرتهم على ساحة الميدان وأحكموا قبضتهم على مداخلها الرئيسية بمزيد من المتاريس والحجارة والزجاجات الحارقة تحسبا لأي انزلاق جديد مع قوات الجيش التي لم تتوان في اللجوء إلى استخدام الرصاص الحي خلال اليومين الأخيرين بذريعة "الدفاع عن النفس". وأدى ذلك إلى موجة احتجاجات وضغوط دولية على السلطات الأوكرانية وخاصة بعد أن اصدر الاتحاد الأوروبي لائحة تنديد وملاحقة ضد المسؤولين الأوكرانيين الضالعين في قتل المتظاهرين.