قررت الجزائروالصين إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، بهدف تعميق التعاون في كافة الميادين، وتوسيع التواصل بين الشعبين بما يحقق تطلعاتهما، إلى جانب تكثيف الحوار السياسي على كافة المستويات، وإرساء آليات منتظمة لتنسيق وبرمجة التعاون الثنائي في كافة المجالات. جاء ذلك في بيان مشترك نُشر أمس بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائرية - الصينية، والذي أشار إلى أن "الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وشي جينبينغ قرّرا إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين". وأوضح البيان أن هذه الشراكة تهدف إلى تكثيف الحوار السياسي على كافة المستويات، «من خلال آليات منتظمة، لتنسيق وبرمجة التعاون الثنائي في كافة المجالات، وتعميق التعاون في كافة الميادين الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية، فضلا عن مجال علوم الفضاء، وتوسيع التواصل الإنساني والثقافي والاجتماعي بين الشعبين بما يحقق تطلعات الشعبين، ويخدم المصلحة المشتركة للبلدين". وأكد البلدان على ضرورة مواصلة التنسيق والتشاور بينهما، وعزمهما على مواصلة لعب دورهما الحيوي من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وجهودهما في بناء نظام دولي عادل ومنصف، في ظل تطورات الأوضاع في الساحتين الدولية والإقليمية، وعلى ضوء التحديات التي تواجهها الدول النامية". وثمّن الجانبان الإنجازات المتميزة التي حققتها العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، معبرين في نفس الوقت عن "إيمانهما بضرورة تطوير هذا التعاون الثنائي والارتقاء به إلى أعلى المراتب، وتحقيق المنفعة المتبادَلة والكسب المشترك، بما يحرز مزيدا من الرقي والازدهار والتطور لكلا البلدين والشعبين الصديقين". وذكر البيان أن الجزائروالصين حققتا تطورا إيجابيا ومطردا لعلاقات الصداقة التقليدية، القائمة بينهما على أساس الاحترام المتبادَل والتعاون والتضامن المشترك"، مشيرا إلى أن هذه العلاقات "شهدت تعمقا وتوسعا مستمرين للتعاون العملي بينهما في كافة المجالات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في 20 ديسمبر1958". وفي هذا الصدد قال سفير الجزائربالصين السيد حسن رابحي، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي كان قد أكد خلال زيارته الأخيرة للجزائر في 22 ديسمبر الماضي، اهتمام الجانب الصيني بالارتقاء بعلاقات التعاون وتحقيق التنمية المشتركة؛ بالنظر إلى الإمكانات المتوفرة بين البلدين. وأوضح أن علاقات التعاون بين الصينوالجزائر تتطلب المزيد من تضافر الجهود من أجل تعزيز مسيرتها وتفعيل أدواتها، انطلاقا "من إيماننا بالمصير الواحد لشعوبنا، التي تطمح دوما للعيش في كنف التآزر والتعاون"، مشيرا إلى أن إعلان قيام شراكة استراتيجية شاملة بين الجزائروالصين، سيتبعه إقرار برنامج تعاون طويل المدى، سيكون بمثابة ورقة عمل منظمة تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى الارتقاء بالتعاون في الميادين الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، فضلا عن تعزيز التواصل الثقافي والإنساني والاجتماعي بين الشعبين. وبخصوص حجم التبادلات التجارية بين البلدين، قال السيد رابحي إنه قفز عام 2013 إلى قرابة 8 مليارات دولار، محققا بذلك للصين مرتبة متميزة كأول مورد تجاري للجزائر بعدما كانت تحتل المرتبة السادسة في السنوات السابقة. وأضاف في هذا الصدد أن الشركات الصينية أصبحت متواجدة في شتى مجالات التنمية بالجزائر؛ من خلال تنفيذها لمشاريع بنية تحتية، تقدَّر قيمتها بالمليارات. وشدّد رابحي على رغبة الجانبين في تأطير التعاون بين مراكز ومؤسسات البحث العلمي في كلا البلدين، علاوة على التوجه نحو دعم العلاقات في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني، ومحاربة التصحر، والري وتعبئة الموارد المائية؛ باعتبارها تحديات مشتركة، والاستفادة من تجارب الآخر. وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات الصينية في الجزائر، قال سفير الجزائر إنه شهد تحسنا وزيادة طفيفة، مستبشرا خيرا بحركة رجال الأعمال والمستثمرين، التي بدأت في الترسيخ والتواصل واستيعاب الإصلاحات الاقتصادية التي بادرت بها الجزائر، موضحا أن جزءا كبيرا من مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية يكمن في وفرة حجم الاستثمار وتغطيته لجميع المجالات، ولاسيما أن الجزائر لديها طاقات هائلة، علاوة على موقعها الجغرافي المتميز بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومساحتها الكبيرة ورخاء مكنونها الطبيعي وجودة مواردها البشرية، لافتا إلى أن تعزيز التعاون الثنائي يأتي دعما لبناء شراكة شاملة متميزة، تفتح آفاقا رحبة لتجسيد الأهداف والمشاريع الثنائية المشتركة. من جانبها، قالت مصادر دبلوماسية صينية إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجزائروالصين، ستنطلق نحو مستقبل واعد بعد إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، خاصة في ثلاث مجالات رئيسة، وهي المقاولات الهندسية والتجارة والاستثمارات. وإن العلاقات السياسية بين الصينوالجزائر تمضى في مسار جيد ومتميز للغاية.