خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن صمته، أمس، مدافعا عن موقف بلاده من تطورات الأزمة الأوكرانية وموجها رسائل دبلوماسية وأخرى تحمل تحذيرات صريحة باتجاه الدول الغربية بان بلاده لن تتراجع عن موقفها حيال ما يجري على حدودها الجنوبية. وإذا كان الرئيس الروسي بقي صامتا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في 22 فيفري الماضي إلا أنه كسر جدار الصمت برد على مساع غربية بفرض مقاطعة اقتصادية وعسكرية وحتى دبلوماسية على بلاده لدفعها على التراجع عن قرارها بإرسال قوات عسكرية إلى شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وهو الاتهام الذي نفاه الرئيس بوتين وقال إن الموقف لا يستدعي ذلك ولكنه أضاف محذرا بأنه لن يتوانى لحظة في إرسال قوات جيشه واللجوء إلى كل الوسائل من أجل تحقيق ذلك لحماية الرعايا الروس هناك. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن التدخل العسكري الروسي في الجزيرة إن هو تم فإنه يبقى تدخلا شرعيا مادام قد تم بطلب من الرئيس فيكتور ايانوكوفيتش الذي وصفه بالرئيس الشرعي حتى وإن اعترف بأنه لم يعد له أي مستقبل سياسي. وجاءت هذه التأكيدات في رد واضح على الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي أكد قبل يومين أن روسيا انتهكت الشرعية الدولية بإرسالها لقوات عسكرية إلى اوكرانيا ليرد بوتين، من جهته، بأن ما حدث في هذا البلد يعد انقلابا عسكريا على سلطة رئيس انتخب بطريقة شرعية. ونفى الرئيس الروسي كل ما تردد عن تدخل عسكري في شبه جزيرة القرم وأكد أن العناصر المسلحة التي شوهدت هناك هم من قوات الدفاع الذاتي في الجزيرة وليست وحدات خاصة روسية في تعارض مع تصريحات مسؤولي السلطة الأوكرانية الجديدة الذين أكدوا إنزال آلاف الجنود الروس في هذه الجزيرة. واستبق الرئيس الروسي بتصريحاته تلك التي كان سيدلي بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي وصل أمس إلى العاصمة الأوكرانية كييف من أجل الوقوف على حقيقة ما يجري واتخاذ الإجراءات التي تستدعيها تطورات الموقف. وإذا كان قرار الادارة الأمريكية بتخصيص مليار دولار للحكومة الأوكرانية الجديدة كقرض تفاضلي إلا أن ذلك يبقى أقل أهمية من القرارات السياسية التي تعتزم واشنطن اتخاذها ضد روسيا لردعها عن مواصلة سياستها في دولة تعتبر الولاياتالمتحدة أنها اختارت الحلف الذي تريد. ولكن هل الإجراءات الأمريكية ومعها الأوروبية قادرة على دفع موسكو إلى تغيير موقفها؟ سؤال ما انفكت تطرحه مختلف العواصم الغربية ولكنها لم تجد له إجابة شافية حتى وإن كان وزير الخارجية الألماني فرانز شتانميير وجد جزءا من هذه الإجابة بعد اللقاء المطول الذي جمعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف بمدينة جنيف السويسرية، أمس، وجعله يخرج بقناعة أن تسوية الأزمة الأوكرانية ليس غدا. وهي القناعة التي كرسها أيضا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي قام بزيارة مفاجئة، أمس، إلى تونس وأكد خلالها أن التهديد بفرض عقوبات غربية على روسيا لن تغير في شيء من موقف بلاده تجاه الأزمة الأوكرانية. وقال لافروف إن نتائجها ستكون عكسية ووبالا على الاقتصاد الأمريكي. وختم بأن موقفنا نزيه ومادام كذلك فإننا لن نغيره وقد كنا دوما ضد العقوبات الأحادية الجانب،،، وآمل أن يفهم شركاؤنا أن عقوباتهم لن تكون مجدية.