مع الشروع في الإعلان عن نتائج مختلف الامتحانات تبدأ العائلات الجزائرية في التحضير للاحتفال بنجاح أبنائها وبناتها كل على طريقتها وحسب امكانياتها وكذا تقاليد كل منطقة. والاحتفال بنجاح الأبناء ليس وليد اليوم، ولكنه كان دائما حاضرا لدى الأسرة الجزائرية التي تعتبر ذلك أمرا ضروريا ليس فقط لإفراح واسعاد الأبناء الذين اجتهدوا في دراستهم ولكن بالخصوص لتأكيد حرصها على تعليم أبنائها وتشجيعها للمسار التعليمي ومن ثم المهني لهم. وكما تختلف الاحتفالات تختلف نوعية الهدايا من بيت لآخر، إلا أن السنوات الماضية شهدت تطورا في مثل هذه الاحتفالات تجلت في تنظيم بعض العائلات لأعراس في قاعات الحفلات بدل استقبال المهنئين بالبيت. ومكن لقاءنا مع مجموعة من الأمهات من استذكار تقاليد الاحتفال بالناجحين وكذا بنوعية الاحتفالات الجديدة في ظل التغيرات التي يعرضها المجتمع الجزائري. من هؤلاء الأستاذة رابحي وهي أم لبنت قصت علينا عادات وتقاليد منطقة القبائل للاحتفاء بنجاح الأبناء في الدراسة، فبقرية إيبوسيفن بوزقان بعزازة تقول الأستاذة أن النساء يتوجهن جماعات لتقديم التهاني والتباريك ويأخذون معهم البيض، وتستقبلهم العائلة المضيفة بالحلويات والمشروبات. وعن سر حملهن للبيض تقول: "البيض لكي تكون أيام الطالب أو الطالبة التحصل (ة) على الشهادة بيضاء". من جهتها فرحت سيدة تشتغل إطارا في الخطوط الجوية الجزائرية لها أولاد واحد في الخامسة ابتدائي والثاني في السادسة بطريقتها الخاصة قبل الامتحان، حيث قامت في ساعة مبكرة من النهار وأعدت لأبنائها لخفاف وقطعته على رؤوسهم ووزعت منه الكثير على الجيران والأحباب وأضافت لهذا دلوا معبأ بماء زمزم وزعته وسقت به الجيران. وأثار ذلك استغراب زميلة لها وقالت هذه البداية فكيف يكون الحال يوم إعلان القائمة والنجاح الأكبر؟". وتحدثت نساء أصولهن من منطقة القبائل عن تحضير أكلة "المشوشة" وتنظيم عشاء أو قعدة بعد الظهيرة حال الإعلان عن نجاح الأبناء. من جهتها تروي لنا فراح التي تدرس في السنة الأولى متوسط احتفالات نجاحها بشهادة التعليم الأساسي فتقول أن والدتها نظمت لها حفلا خاصا حضرته صديقاتها وخالاتها، وعن الهدايا التي تلقتها تضيف أن أغلبها يتمثل في هاتف نقال وساعات اليد وجهاز الMP3 واللباس الجميل ناهيك عن المال. والدة فيصل من جهتها تقول عن هدية ابنها التي يستلمها بمجرد نجاحه في البكالوريا أنها ستكون عبارة عن تكاليف الحصول على رخصة سياقة، خاصة وأنها مرشحة للإرتفاع. وعن هذا الاختيار تقول "هو سلوك اعتدنا عليه في العائلة ذلك أن متطلبات الإبن تزداد كلما كبر فأخوه الكبير تحصل على ليسانس كيمياء صناعية بجامعة هواري بومدين، وفي انتظار أن يحصل على عمل ارتأينا التكفل بمصاريف مزاولته لتكوين في الماركتينغ. ... وتتوقف قائلة "نحن لا نبذر المال فحتى الهدايا يجب أن تكون ذات معنى". أما نبيلة الدكتورة المنحدرة من تلمسان فتقول: "كنت أتلقى هديا هي عموما عبارة عن حلي ذهبية وبالنسبة لابنتها فتلقت بمناسبة نجاحها أموالا من قبل أفراد العائلة وهاتفا نقالا من قبل أمها، وعن الهدايا الموجهة للصغار فتتنوع حاليا بين لعب تسلية، بلاي ستيشن وأجهزة للإعلام الآلي بحسب المستطاع. وفي الوقت الذي كثرت فيه متطلبات الأولاد تفضل نصيرة حلاقة أن تحي حفلة النجاح بتخصيص يوم لجمع شمل الأحباب والجيران وأفراد العائلة سيكون ظهيرة نهاية الأسبوع، وقد خصصت مبلغا ماليا وكلفت من تعد لها الحلويات. وعن هذا الخيار تقول "لأتفادى استقبال الزوار والضيوف الذين يتهاطلون علي صباح مساء كل مرة وأكتفي بيوم لما في ذلك من حميمية ونقص مصاريف ولأجل ذلك ستحي حفلا بسيطا تتخلله موسيقى هادئة". وعن سر التهافت وراء التحضير المادي والمعنوي للاحتفالات وحسب المهتمين بعلم النفس والاجتماع، فالأمر على علاقة مباشرة بطبيعة الجزائري الذي أصبح يبحث عن كل ماهو باعث للفرح والأمل والسرور... وهو وجه من أوجه تقديسه لمكانة العلم.