تتجنب الكثير من العائلات الجزائرية الاحتفال بدخول السنة الجديدة من منطلق الخوف من الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بتقليد المسيحيين وهو الانطباع الذي تولد لدينا ونحن نقوم ببحثنا الاستطلاعي حول الطريقة التي تحتفل بها العائلات الجزائرية بدخول السنة الجديدة والذي انعكس في عبارة ترددت كثيرا هي "هذا العيد ماشي انتاعنا" ومع هذا صادفتنا فئة تحتفل به ولكن على طريقتها الخاصة بعيدا عن العادات الأوروبية هو العام الجديد إذاً يدخل علينا بكل ما يحمله من أحداث ومفاجآت ستتراوح حتما بين السارة وغير السارة... بالمقابل يغادرنا عام 2008 والبعض استحسن ما فات عليه من أحداث خلاله، بينما تحسر البعض الآخر على عام لم يجلب له إلا الشقاء. إلا أن الأمر الذي نطرحه هنا هل العائلات الجزائرية معنية بالاحتفال أم لا ؟ من خلال جولة قادتنا إلى بعض أحياء العاصمة حيث التقينا العديد من الأشخاص من شرائح مختلفة صادفتنا أراء متنوعة حول الاستعداد لهذا اليوم وذلك تبعا لذهنيات مختلفة مبنية على معتقدات كل فرد. الرشتة بالدجاج والعدس تفاؤلا بالعام الجديد تحبذ بعض العائلات الجزائرية الاحتفال بحلول العام الميلادي الجديد من منطلق التفاؤل به، وفي هذا الخصوص تقول الآنسة كاتيا -د- ذات 30 سنة "اعتادت عائلتي على الاحتفال بدخول السنة الجديدة، ولهذا نقوم بإعداد مأدبة عشاء تكون فيها الرشتة بالدجاج سيدة المائدة إلى جانب المكسرات و الحلويات... دون أن ننسى العدس الذي نقوم بإعداده خصيصا لهذه الليلة حتى يكون العام الجديد مليئا بالمال كحبات العدس، وهو المعتقد السائد لدى عائلتي" . وتضيف قائلة "نسهر ونتجاذب أطراف الحديث رفقة المدعوين من أفراد العائلة ومن المقربين إلى غاية دخول السنة الجديدة" . وتضيف أن الاحتفال لا يأخذ أبدا طابعا مسيحيا بحيث تؤكد تجنب شراء كعكة الغصن "لابيش" لان الهدف من الاحتفال يكمن في التذرع إلى الله من اجل أن تكون السنة الجديدة أحسن بكثير من السنة المنقضية وان تكون فال خير على الجميع. وهو نفس الرأي الذي عبرت عنه كل من "سامية عبد الرحمان" و"نسرين جنادي" اللتان التقتهما -المساء- بأحد شوارع ساحة أودان حيث اتفقتا على انه لا يوجد أبدا ما يمنع الاحتفال بتوديع سنة واستقبال أخرى بالبيت رفقة أفراد العائلة، حيث تكون الأكلة المفضلة ليلتها الرشتة بالدجاج، إلا أن الاختلاف بينهما كان حول كعكة العيد، ففي الوقت الذي تستبعد فيه الآنسة نسرين شراءها من منطلق أن الأمر يعني التشبه بالكفار، فإن الآنسة سامية ترى أن الغرض من شراء الكعكة هو الاحتفال فقط بعيدا عن العقلية الأوروبية، وأن المهم في كل هذا هو تجمع العائلة والاحتفال، وتضيف هذه الأخيرة قائلة" لو أتيحت لي الفرصة لسافرت للاحتفال برأس السنة في كندا باعتبار أنها البلد المفضل لدي" . وإذا كانت الرشة تعتبر أهم أكلة يتم من خلالها استقبال السنة الجديدة فإن التريدة و الطمينة والخفاف تجد هي الأخرى مكانا لها في موائد بعض العائلات الجزائرية التي تحتفل بدورها بهذا اليوم، مثل السيدة فطيمة ذات 56 سنة والتي تقول إن الهدف من الاحتفال وإعداد عشاء متميز هو تعبير عن الفرحة بدخول السنة الجديدة، وتضيف أنها تفضل صنع الخفاف حتى يأتي العام خفيفا كما يتم إعداد الطمينة حتى تكون السنة المقبلة حلوة . مجرد النية بالاحتفال يعني تقليد الغرب اتفقت العديد من العائلات الجزائرية من ذوي المستوى المعيشي المتوسط وحتى الجيد على أن الاحتفال ما هو إلا بدعة وتقليد، وأن المجتمعات الإسلامية من المفروض أن لديها عيدين لا أكثر وهما عيد الفطر وعيد الأضحى. وفي هذا الخصوص تقول فضيلة موظفة بإحدى الوكالات السياحية " أنا شخصيا لا اعترف بهذا العيد وإن حدث واحتفلت به فأكون كمن يغير ديانته فهذا العيد ليس عيدنا" . ومن جهتها تؤكد السيدة فريال قائلة " إن مجرد النية بالاحتفال به يعني أننا نتشبه بالمجتمعات الأوربية. وعليه أتعامل مع اليوم على أساس انه يوم عادي ولا أخصه بأي احتفال يذكر واغتنم الفرصة للتقرب من الله بالدعاء من اجل أن تحل السنة الجديدة علينا بالصحة والعافية فقط" . "لابيش" بين الربح المادي والوازع الديني يعتبر معظم التجار من أصحاب المخابز نهاية السنة فرصة من اجل الربح من وراء بيع كعكة الغصن التي يتم إعدادها يوما قبل نهاية السنة وبأعداد كبيرة قد تفوق 200 كعكة نظرا للطلب الكبير عليها رغم سعرها المرتفع الذي يتراوح بين 700 و 1000دج، حيث يؤكد مراد بائع في مخبزة بديدوش مراد قائلا "نصنع الكعكة من منطلق تجاري فقط ولكن في الحقيقة لا نعترف مطلقا بما نقوم به من عمل، لان الأمر يدخل ضمن المشاركة وبطريقة غير مباشرة مع الأوربيين في الاحتفال بعيدهم" . وإذا كانت المخبزة التي يعمل بها مراد تعد الكعكة من منطلق تجاري فإن بعض المخابز الأخرى تخلت عن صناعتها نهائيا من منطلق أنها حرام، وهو ما يؤكده عزيز صاحب مخبزة، إذ يقول "امتنعت مخبزتنا عن تحضير هذه الكعكة منذ سنة 2002 لان الأمر يعني الترويج لثقافة غربية لا تمت إلى الجزائريين بأي صلة، من جهة أخرى فإن من يشتهي أكل الكعك فهو موجود وعلى أشكال وأنواع متنوعة ومختلفة" . الوكالات السياحية في الموعد مع نهاية السنة تشهد الوكالات السياحية مع نهاية السنة حركية ونشاطا كبيرين وذلك لسد الطلبات الكبيرة للراغبين في السفر إلى الدول الأوربية والعربية من أجل الاحتفال بالسنة الجديد. عن ذلك تحدثنا "فضيلة" موظفة بوكالة سياحية بساحة الأمير عبد القادر في العاصمة فتقول "عادة نشهد إقبالا منقطع النظير من المواطنين الراغبين في السفر، حيث يسعون لحجز أماكن لهم أياما قبل حلول الموعد خوفا من الاكتظاظ" . وعن الدول التي يكثر عليها الطلب تشير إلى أن تونس تأتي في المقدمة بثمن لايتعدى ال 12 الف دينار. من جهتها تقول دنيا موظفة أيضا بوكالة سياحية إن هناك اقبالا كبيرا على فرنسا و المغرب وتونس، اضافة الى تركيا وبالذات مدينة اسطنبول بسبب حمى" المسلسلات التركية " التي تعرف نجاحا ورواجا كبيرين لدى العائلات الجزائرية. اماالشباب فيقبلون اكثر على الصحراء الجزائرية لاسيما تيميمون وتاغيت وجانيت وكذا تمنراست، ومن أجل ذلك يكفي فقط دفع 19000دج لقضاء 6 أيام مع ضمان الإقامة والأكل والجولات السياحية، كما تؤكد المتحدثة. وعلى العموم يكثر الطلب على الصحراء من طرف الشباب الجزائري والأجانب الذين يقبلون على الاحتفال بالعام الجديد في الجنوب.