تؤكّد الممثلة التونسية نورة العرفاوي، أنّ وضع المرأة التونسية تغيّر بعد سقوط النظام الحاكم السابق، وساء حالها حتى أضحت توصف بالعورة، وتفتح جراحها كفنانة في عملها المونودرامي لتشعر الجمهور بأوجاعها، وهي المبدعة بعرض ”ألم”، سهرة أوّل أمس بقصر العبدلية بتونس في إطار مهرجان ”مرا” للمسرح النسوي. تحكي نورة العرفاوي ”ألم” باستعراض مختلف الحالات الجديدة عن المرأة التونسية في الوضع الراهن، والتي لم تعرفها سابقا، ففي مدة ساعة وبطاقة خارقة للعادة، أدّت الممثلة عرضا ملهبا عكس بحق شغفها بالمسرح ومدى اشتياقها له وغابت عنه أكثر من عقد ونيف. تقول الممثلة نورة العرفاوي وهي في أوج توحّدها: ”أنا مرا.. موش ذنبي جيت مرا.. في زمانكم المرا مراره.. خرّجتني منك.. من ضلوعك.. وخرّجتك من كرشي.. شفت عدل ربّي؟!”، ثم تواصل في تسليط الضوء على ظواهر دخيلة على المجتمع التونسي، والنص الذي كتبته يرصد العنف المسلّط على المرأة، وأصل القصة تخصّ فنّانة مسرحية تعشق الخشبة، تواجه تعنّت عائلتها، فعاشت كما رغبوا ومشيئتها ليس لها أهمية، فأبعدت عن الفن واختيرت لها حياة كما لم تشأ أبدا. العرض المونودرامي عرّج كذلك على المرأة الثكلى، فقدت ابنها أثناء أحداث الثورة التونسية قبل ثلاث سنوات، فبعد أن ضاقت بها الدنيا بسبب نظرة المجتمع إليها، وهبت حياتها لابنها الذي سقط ضحية تلك الأحداث، فتبكي الابن والوطن معا، إذ الأوّل ضاع والثاني يتعرّض للتدمير كلّ يوم، تصرخ نوارة مناجية؛ ”يا ريّس السفينة الدم راهو غالي.. وانت قاعد في القصر متعالي.. تاكل وتقسم في الغنايم.. تاكل في لقمة مسقية بالدم.. ويجيك النوم وغيرك تحت التراب مردوم.. والأيتام والثكالى عليك تلوم”. ووفّق مخرج العمل إلى حد بعيد في وضع سينوغرافيا مناسبة للموضوع، واعتماده على كوريغرافيا حالمة نسجها ثلاثة شباب مع الممثلة طعمت العمل وجعلته أكثر نضجا ورسالته أعمق تأثيرا، وتمّ الاعتماد على موسيقى عتيقة نابعة من عمق الثقافة التونسية الأصيلة، وجسّدت العرفاوي دورها وسط ديكور يمثّل مقبرة وستائر بيضاء تعدّدت استعمالاتها، وسياق كل معانيها يصبّ في نهر الوجع، الاضطهاد والقهر، الأمر الذي خدم العمل المونودرامي.