انطلق المهرجان العربي الأوّل للمسرح النسوي بتونس، سهرة أوّل أمس بقصر ”العبدلية” بالمرسى، في أجواء حميمية جمعت الفرق المسرحية المشاركة القادمة من خمس دول هي؛ الجزائر، تونس، العراق، الأردن والسودان، مع تسجيل غياب مصر بمسرحية ”البيت” لأسباب إدارية. في كلمتها الترحيبية، قالت ارتسام صوف مديرة المهرجان العربي للمسرح النسوي؛ إنّ التظاهرة جاءت لإنصاف المرأة المبدعة في الظروف الراهنة التي تعيشها بلادها تونس، والمهرجان بمثابة احتجاج على الوضع الثقافي ككلّ والإبداع النسوي على الخصوص حتى تلقى الاهتمام اللازم ويعود بريق المسرح التونسي إلى الواجهة. وفي هذا الصدد، تأسّفت مديرة المهرجان عن حال المسرح النسوي الذي يعرف تضييقا، حيث تمّ تسجيل عمل مسرحي واحد خلال العام المنصرم، وهو الأمر الذي ترفضه ارتسام صوف جملة وتفصيلا، إذ تريد لفت انتباه الجهة المعنية بالشأن الثقافي في البلد إلى الوضع المتردي وتحاول الاستماتة والمضي قدما لإعادة الاعتبار للمسرح والمرأة التونسية المبدعة رغم العراقيل التي واجهتها، منبّهة إلى أنّ تونس مدرسة في المسرح بل هي بلد المسرح. وكشفت ارتسام صوف عن أنّ الطبعة الأولى تأتي تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، لتكون احتفاء بالمرأة المبدعة والمناضلة ضدّ كلّ أشكال الإقصاء، تتحدّى الحروب والانقسامات وكلّ الصراعات السياسية، وتسير رغم الظروف لرسم وتخليد إبداعها، حيث قالت بأنّ المشروع انطلق منذ ستة أشهر، وتمّ التفكير في الاحتفال بالمرأة من خلال مهرجان مسرحي عربي إفريقي كبداية، في انتظار تطويره، هدفه الأوّل هو الاهتمام بالمرأة المبدعة المقاومة والمضحية. تميّزت الدورة الأولى بإقامة حفل افتتاح نشطته فرقة نسوية للموسيقى الأندلسية، وعرف تكريم الأستاذة الناقدة الليبية سعاد الخليل والفنانتين التونسيتين عزيزة بولبيار ونورة العرفاوي نظير ما قدمتاه للمسرح العربي والتونسي على السواء. المشاركة الجزائرية تتمثّل في مسرحية ”نوارة” للمخرج عزوز عبد القادر، رئيس الجمعية الثقافية للفنون الدرامية ”صرخة الركح” لولاية تمنراست، حيث تجسّد دورها الفنانة وهيبة باعلي، ويحضر المخرج المسرحي هارون الكيلاني كضيف، إلى جانب تمثيل مسرحي عربي منوّع. والمهرجان تنظمه جمعية ”العنقاء” للفن المسرحي، بإشراف وزارة الثقافة التونسية، وتشهد طبعته الأولى مشاركة مختلفة لأعمال مسرحية قادمة من عدّة دول عربية على غرار تونس التي تشارك بمسرحية ”ألم” لجمعية ”نور” وصاحبتها المخرجة نورة العرفاوي، وكذا العراق ممثلة بعرض مسرحي يحمل عنوان ”بلاك ومن” التي تحكي قصة ثلاث نساء منقبات متزوّجات من رجل واحد، إلى جانب الأردن التي تشارك بمسرحية بعنوان ”عشيّات حلم” للمخرج فراس المصري، وكذا السودان التي تدخل المنافسة ب"احتراق” للممثلة والمخرجة هدى مأمون. وأوضحت المتحدّثة إلى جانب العروض المسرحية، أنه يتم إقامة ندوات وورشات فنية تؤثّث هذا المهرجان الأوّل، على غرار تنظيم ندوتين فكريتين، تتعلّق الأولى بموضوع ”المرأة العربية في المسرح من النص إلى العرض المسرحي” يقدمها أستاذ المسرح الأردني محمد الجراح، والثانية تناقش موضوع ”العرض المسرحي خارج المسرح”، من تقديم المسرحي الفلسطيني وائل المغربي، علاوة على ورشتين في فن الممثل تؤطرهما منال الأحمر وورشة ”الإخراج المسرحي” التي ينشّطها مقداد مسلم. وفي السياق نفسه، تحتفي هذه الدورة بعدد من الوجوه النسائية العربية المشتغلة في الفن المسرحي بصفة عامة، تتقدمهما اليمنية شروق سعيد والأردنية أسماء مصطفى، سعاد خليل من ليبيا، إضافة إلى فاطمة سعيدان، زهيرة بن عمار، جليلة بكار، دليلة مفتاحي وصباح بوزويتة من تونس. وطلبت ارتسام صوف من وزارة الثقافة التونسية أن تهتم بالعمل المسرحي، وقالت: ”لا أطالب إلاّ بحقي، بأن يهتموا بالمسرح وتقديم إبداعاتنا”، وأضافت في سياق آخر أنّ الدورة المقبلة ستنظم في دولة عربية أخرى، إذ تريد أن تجعل المهرجان مرتحلا في الوطن العربي بعروض أكبر وحضور أقوى.