الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي في 17 أفريل 2014 على الأبواب، وبما أن هذا الاستحقاق يعد الخامس من نوعه في ظل التعددية الحزبية، ويأتي في ظروف تتمتع فيها البلاد بالأمن والاستقرار، وتشهد نهضة تنموية على مختلف الأصعدة، على خلاف الاستحقاقات السابقة التي جرت في ظروف أمنية متوترة، يجدر بنا أن نقف وقفة تأمل ومراجعة للنفس لاستخلاص الدروس والعبر. المسار الديمقراطي قطع شوطا من الزمن، مدعِما التعددية الحزبية والإعلامية، فاتحا المجال لحرية الرأي والتعبير، وحصول المعارضة على مقاعد في البرلمان وبعض الحقائب الوزارية، إلا أن هذه المدة الزمنية، يبدو أنها لم تكن كافية لأن ترسخ فينا ثقافة الديمقراطية وتعلمنا احترام آراء وأفكار الآخرين، فالخطاب السياسي مازال يحمل مضامين وأفكارا إقصائية غير ديمقراطية، فهذا يدعو إلى المقاطعة، والآخر يدعو إلى حرمان البعض من حقهم في الترشح. وهذا الخطاب انطلق مع الانتخابات الرئاسية الثانية (1999) بانسحاب بعض المترشحين للرئاسيات، وازداد حدة في انتخابات 2004، وظل يتصاعد من فترة إلى أخرى، في الوقت الذي كنا نعتقد فيه أننا بدأنا نستوعب الثقافة الديمقراطية التي تحترم الرأي الآخر، وتحتكم إلى الصندوق، وتلتزم بالنتائج المتمخضة عنه، كما في كرة القدم صفارة الحكم ملزمة ومحترمة من الفريقين الرابح والخاسر. فالحملات الانتخابية السابقة شهدت عدة تجاوزات من بينها عدم احترام الأماكن المخصصة للإشهار (الملصقات) وكذا تمزيق ملصقات الخصوم ليلا، وعدم الالتزام بعرض البرامج دون الإساءة إلى الآخرين، إلى جانب استعمال اللغة الأجنبية. ونتمنى خلال الحملة القادمة أن يسمو الخطاب السياسي إلى تنافس البرامج والأفكار وليس صراع الأشخاص، وأن يلتزم الإعلام بالنزاهة والحياد، وأن يكون ناقلا وعارضا للأفكار، وليس طرفا فيها (الحملة) يدعم هذا المرشح على حساب الآخرين. فالمطلوب من الإعلام التعريف بالمترشحين، وعرض برامجهم وأفكارهم، وترك الحرية للمواطن ليختار، بكل حرية، المترشح الذي يراه مناسبا لتحمل المسؤولية،، وبإمكانه أن يقود البلاد إلى المزيد من الرقى والازدهار.