في التغطية الإعلامية للحملات الانتخابية في الأنظمة الديمقراطية التعددية عادة ما تطرح قضية النزاهة والموضوعية والحياد، وبما أن الموضوعية والحياد أمران نسبيان، أي ليس هناك موضوعية مطلقة ولا حياد مطلق، فإن خبراء الإعلام وجدوا صيغة توافقية مفادها أنه "لايجب أن يستشعر القارئ رأي الصحفي حينما يقرأ مقاله، بحيث لا تنعكس فيه وجهة نظره الشخصية، لأن دور وسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية هو التعريف بالمترشحين، من خلال تمكينهم من عرض برامجهم، وأفكارهم، وتبليغها إلى المواطن لتساعده على جمع المعطيات الضرورية لاتخاذ القرار السليم والصائب أثناء التصويت. ومن هذا المنطلق، دعا رئيس الجمهورية من خلال التعليمة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وسائل الإعلام العمومية والخاصة إلى التحلي بالصرامة والمهنية والاحترافية ومراعاة أخلاقيات المهنة التي تقتضي ترجيح الموضوعية في نقل ومعالجة الأخبار المرتبطة بهذا الحدث الهام، المتمثل في استحقاق 17 أفريل 2014، وهذا لضمان إتاحة الفرصة لكل مترشح ليعبر عن آرائه وأفكاره وبرنامجه بكل حرية. إن عملية الموضوعية والحياد تعني "احترام عقل المتلقي" لأنه في الأخير هو من يحدد درجة الوثوق بالحقيقة التي تحملها الرسالة الإعلامية، وهنا يقول الإعلامي عبد الجبار كريم: "الحياد ليس معناه أنك لا تملك رأيا، بل هو اتخاذ مسافة واحدة من وجهات النظر المختلفة". والحياد فن مهم في الرسالة الإعلامية، غير أن لعملية الإقناع فنونا عبر عنها العرب قديما بعدة أمثال، منها "خاطب الناس على قدر عقولهم" و«ليس كل ما يعرف يقال" و«لكل مقام مقال" و«لكل حدث حديث"، ومن ثمة فإن خبراء الإعلام والسياسة وضعوا مدونة أخلاقية تلتزم بها وسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية، تعتمد على تحري الدقة والتقيد بالنزاهة والموضوعية والحياد والابتعاد عن الانحياز وتشويه الحقائق، والعمل على التأثير على الناخب من خلال إمطاره بسيل من المعلومات غير الدقيقة التي تعلي من شأن مرشح ما، وتقلل من قدر الآخرين، إلى درجة تشعر فيها بأن بعض وسائل الإعلام تسلط عليك ديكتاتورية الكلمة. إن القرار الأخير يبقى في يد الشعب صاحب السلطة الحقيقية، وعلى وسائل الإعلام أن توفر له كل المعلومات الحقيقية والدقيقة، لكي يكون قراره صائبا وسليما.