يقول الشاعر الراحل، نزار قباني، عن الحرب التي دمرت لبنان (1975 - 1990) في قصيدة تحت عنوان ”ياست الدنيا يا بيروت”، التي غنتها ماجدة الرومي: ”نعترف أمام الله الواحد.. بأنا جرحناك وأتعبناك .. بأنا لم نفهمك ولم نعذرك.. بأنا أحرقناك وأبكيناك.. وحملناك أيا بيروت معاصينا”. حينها لم ندرك معنى هذه الصرخة ولم نستوعب مضامينها ودلالاتها إلا بعد أن اكتوينا بنار الحرب والخراب خلال سنوات العشرية السوداء. وكان لماجدة شرف أن تكون أول فنانة عربية تكسر الحصار الإعلامي والثقافي الذي ضرب على الجزائر. ففي ربيع 1997 أطلت على الجمهور الجزائري من القاعة البيضوية، وهنا يجدر بنا أن ننقل بعض ما كتبته الصحافية زهية منصر في تغطيتها لذلك الحفل: ”أطلت (الماجدة) على جمهورها فانحنت وخاطبته: ”مثلكم .. عرفنا الحرب في لبنان وعشناها لكننا ماكنا إنسانيين، فكونوا إنسانيين أكثر منا”، وتضيف عندما غنت أنشودة بيروت ”بيروت لم تكن حينها تعني غير الجزائر التي صارت آلاما وأوجاعا وطعنات تأتيها من كل الجهات”. الجزائر انتفضت وخرجت من الأزمة بفضل رجالها ونسائها الأوفياء وأبطال الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، والقوى الأمنية، وشرعت في إرساء دعائم الديمقراطية والتعددية فسنت القوانين التي فسحت المجال للتعددية الحزبية والإعلامية، وحرية التعبير، ومنذ 1975 حافظت الجزائر على إجراء المواعيد الانتخابية في وقتها المحدد رغم الظروف الصعبة. واليوم وبعد أن عم الأمن والاستقرار ربوع الجزائر واستعادت عافيتها، وشرعت في نهضة اقتصادية وتنمية شملت كل الولايات، مكنتها من تسديد ديونها الخارجية، وتوفير ما يقارب مائتي مليار دولار من العملة الصعبة كاحتياطي صرف، ومع اقتراب الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل 2014، هناك من أبناء الجزائر -مع الأسف- من يريدون إعادتنا إلى أيام العشرية السوداء بمحاولة نشر الفوضى في الشارع والمطالبة بالعودة إلى نقطة الصفر، من خلال الدعوة إلى مرحلة انتقالية، وكما قالت لويزة حنون ألا يكفينا ما يجري في ليبيا واليمن.. إلخ. فالسلطة عندنا تكليف وليست تشريفا، ولا تمنح إلا من قبل الشعب صاحب السيادة، وعن طريق الاقتراع السري. وتفكك بعض الأحزاب وتفتتها وانشطارها إلى عدة أحزاب صغيرة.. يوحي بأننا لم نستوعب بعد ثقافة الديمقراطية، ومن لا يؤمن بها داخل حزبه، كيف يؤتمن على وطن مثل الجزائر؟ وفي الأخير نتمنى، ألا نعود مرة أخرى لنردد: ”أنا منك كنا نغار .. وكان جمالك يؤذينا”.