دعا الوزير الأول بالنيابة يوسف يوسفي أمس، أعيان ومواطني ولاية غرداية، إلى توحيد الجهود لإعادة الطمأنينة والاستقرار إلى الولاية. وأعلن عن فتح تحقيق فوري لتحديد المسؤوليات حول الأحداث الأخيرة التي أودت بحياة ثلاثة أشخاص، وتطبيق القانون بصرامة في حق المتسببين فيها، مجددا التزام الدولة بمواصلة عمليات التنمية بالولاية فور عودة الهدوء إليها. استقبل السيد يوسفي الذي تنقّل مساء أمس إلى غرداية رفقة وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز وقائد الدرك الوطني اللواء أحمد بوسطيلة وممثل المدير العام للأمن الوطني، مندوبين عن المواطنين، الذين نظّموا مسيرة حاشدة جابت الشوارع الرئيسة للمدينة، للتنديد بالجرائم المرتكبة خلال المواجهات، ومرددين شعارات تنادي بالعدالة وتطبيق القانون ضد المجرمين المتسببين في هذه الأحداث. وتم تأطير هذه المسيرة بجهاز أمني مكثف من أجل تجنب أي انزلاق محتمل. واستمع الوزير الأول بالنيابة لانشغالات المتظاهرين، الذين اعتصموا أمام مقر الولاية، مطالبين بفتح تحقيق لتحديد مسؤوليات كل واحد في الأحداث المأساوية التي تشهدها ولايتهم، مشددين على ضرورة إيجاد حل نهائي، يتيح التسوية الدائمة لهذه الوضعية المتأزمة. وفي هذا الإطار، وعد السيد يوسفي بفتح تحقيق فوري لتحديد المسؤوليات حول الأحداث الأخيرة، وتطبيق القانون في حق المتسببين فيها. كما تعهّد بمواصلة عمليات التنمية بالولاية فور عودة الهدوء إليها، مشيرا في سياق متصل، إلى أن الدولة ستساهم في إعادة تأهيل الممتلكات المتضررة جراء هذه الأحداث، والتخفيف من معاناة المواطنين المتضررين، حيث “سينتقل أعضاء الحكومة المعنيون بمختلف قطاعات التنمية، إلى الميدان بدءا من الأسبوع القادم، لضبط الأولويات الآنية بخصوص التنمية المستدامة للمنطقة”، حسبما التزم به الوزير الأول بالنيابة. هذا الأخير الذي التقى، بالمناسبة، أئمة وأعيان الولاية وتبادل معهم الآراء، لم يفوّت فرصة تنقّله إلى الولاية، لتقديم تعازي الدولة لعائلات الضحايا الثلاثة، الذين لقوا حتفهم في المواجهات الأخيرة. وكانت المواجهات قد اندلعت من جديد بين بعض السكان بالولاية منذ الأربعاء المنصرم، واستمرت إلى نهار أول أمس السبت، وخلّفت وفاة ثلاثة شبان في الثلاثينات من العمر، إثر إصابتهم بأدوات حديدية حادة، وفقا لمدير الصحة لغرداية. وحسب نفس المصدر، فقد لقي اثنان حتفهم في مكان حدوث المواجهات بالقرب من حي حاج مسعود، بينما توفي الشخص الثالث متأثرا بجروحه بمستشفى “تريشين”. كما أدت تلك الأحداث إلى إصابة نحو 70 شخصا بجروح متفاوتة، منها حالة شاب وصفتها الجهات الطبية بالخطيرة، فضلا عن 24 عون أمن جُرحوا جراء الرشق بالحجارة ومواد حارقة أثناء المواجهات. وقد شُلت كل الأنشطة التجارية والإدارية والمؤسسات التربوية جراء الوضعية المتأزمة بالمدينة، وذلك إثر تعرض ما لا يقل عن 64 محلا ذا طابع تجاري وسكني للحرق، و11 سيارة للتخريب والنهب والحرق خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت بين مجموعات الشباب بمدينتي غرداية وبنورة، حسبما نقله بيان مصالح الولاية، أشار أول أمس إلى أن تدخّل قوات الأمن أسفر عن إلقاء القبض على 19 شخصا في حالة تلبّس، ويُشتبه في ضلوعهم في المواجهات وأعمال التخريب.
الشرطة تباشر تحرياتها في وفاة الأشخاص الثلاثة وقد أوفدت المديرية العامة للأمن الوطني أول أمس، فريق محققين جنائيين وفرقة من الشرطة العلمية والتقنية، لإجراء معاينة بالمستشفى المحلي، والكشف عن ملابسات وفاة الأشخاص الثلاثة في الأحداث الأخيرة. وأوضح مدير الإعلام والعلاقات العامة بالمديرية العامة للأمن الوطني جيلالي بودالية، أنه في انتظار نتائج الكشوفات المبدئية من الطبيب الشرعي، تواصل الشرطة تحقيقاتها للبحث في أسباب وظروف وفاة الضحايا الثلاث، حيث تعمل فرق الضبط الجنائي للأمن الوطني في إطار التحقيق، على السماع لكل الإفادات والشهادات التي من شأنها المساهمة في تسليط الضوء على ملابسات هذه الوفيات.
تجديد الدعوة إلى التعقل وضبط النفس وعلى إثر تجدد هذه المواجهات، ندّد والي غرداية محمود جامع بهذه الأحداث المؤسفة التي أشعلتها، حسبه، “مجموعات من الشباب المتطرف”. ودعا سكان المنطقة إلى التعقل وضبط النفس من أجل وضع حد لهذه الأحداث التي تعرقل عمليات التنمية بالولاية. وطمأن الوالي في ندوة صحفية نشّطها بعد ظهر أول أمس، سكان الولاية بأن التعزيزات الأمنية التي جرى نشرها عبر مجموع مناطق سهل ميزاب، ستعمل على تفرقة المتنازعين لتجنب تجدد المواجهات، وهي تسهر على أمن الأشخاص والممتلكات”. من جهته، ناشد المكتب الوطني لحزب الحرية والعدالة في اجتماعه الموسع الجمعة الفارط، العقلاء وممثلي المجتمع المدني في غرداية وكل الغيورين على الوطن، “مضاعفة الجهد لإخماد النار المشتعلة، وتجنيب البلاد ذريعة تبحث عنها قوى أجنبية للتدخل باسم حماية الأقليات”. واعتبر في سياق متصل، أنه إذا كان من واجب الدولة إقامة العدل بين جميع المواطنين كيفما كان عددهم وانتماؤهم، فإن من واجبها أيضا التعامل بصرامة مع كل من يحاول زرع الفتنة والبغضاء؛ سواء كان داخل الولاية أو خارجها، حاثا، من جانب آخر، مواطني غرداية على عدم التسامح مع كل تجاوز في أي جزء من الوطن.