إحياء لليوم العالمي للمسرح، احتضنت مسارح مختلفة عدة عروض مسرحية علاوة على تنظيمها لتكريمات طالت أسماء معروفة خدمت الفن الرابع بكل حب وتفان. وفي هذا السياق، كّرم المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، مجموعة من قدماء الفنانين المسرحيين الجزائريين بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وكان أول المكرمين السيدة نورية البالغة من العمر 93 سنة التي كانت انطلاقتها الفنية مع زوجها الفنان الراحل مصطفى قصدرلي في 1945 لتمثل في 200 مسرحية وأكثر من 100 فيلم تلفزيوني وسينمائي. كما كرّمت السيدة وهيبة كزال، التي سجلت اسمها في تاريخ المسرح بعدة أدوار منذ منتصف القرن الماضي، وشاركت في أعمال بارزة مثل ”أبناء القصبة” سنة 1963 قبل أن تحال على التقاعد في 1978. وحظي الممثل محمد حيمور صاحب الصوت الشهير بتكريم لقاء عطائه في عدد من المسرحيات، بدأ منذ 1961 كهاو قبل أن يحترف المسرح من 1968 بمسرح وهران الجهوي، وقد لمع كقوال في مسرحيات ”العلق” و"الخبزة” مع الراحل عبد القادر علولة وغيرهما من الأعمال، كما لم تسمح الظروف الصحية للممثل القدير سيد علي كويرات بالحضور، حيث نابت عنه ابنته صفية التي عبرت عن امتنانها بهذه اللفتة. وبلغ أحد إطارات المسرح الوطني رسالة من الفنان الحاج إسماعيل الذي لم يتمكن من حضور التكريم بسبب رحلته خارج الوطن للعلاج، وهو صاحب مشاركات كبيرة في السينما والمسرح الجزائريين. للإشارة، قام مدير المسرح الوطني محمد يحياوي بتكريم الفنانين تكريما رمزيا متواضعا لا يرقى إلى تاريخ الفنانين الذين قدموا الكثير للمسرح، ويعاني بعضهم من وضع صحي مترد، فبالإضافة إلى غياب الكثير من الوجوه الفنية من عالم المسرح ما جعل القاعة شبه فارغة، لم يكن التكريم سوى شهادات متواضعة وصفها أحد الحاضرين بأنها ”لا ترضي حتى المتمدرسين في الابتدائي”. وعلى هامش التكريم قرأ الممثل إبراهيم جاب الله رسالة المسرح التي كتبها هذا العام المسرحي الجنوب إفريقي بريت بايلي، وهو التقليد الذي بدأ في 1962 بقرار من الهيئة العالمية للمسرح بباريس، وفي الختام عرضت مسرحية ”الرهينة” لنبيلة إبراهيم عن نص محمد بويش، وهي المسرحية التي شاركت مؤخرا في مهرجان المسرح النسوي بعنابة حيث توّجت بجائزة أفضل عرض رجالي. من جهته، كرّم مسرح قسنطينة الجهوي، 8 فنانين أحيلوا على التقاعد، في خطوة لإبراز روح التضامن مع رجال خدموا الفن الرابع وأفنوا أيام شبابهم على ركح المسرح، وصنعوا أفراح وأحزان عشاق أبو الفنون. وشملت قائمة المكرمين، كلا من الفنان القدير عنتر هلال المعروف لدى المشاهد الجزائري من خلال المسلسل التلفزيوني الفكاهي بشخصية عيسى اسطوري ونور الدين بشكري المعروف بشخصية السايح البوستاجي في سلسلة ”أعصاب وأوتار”، كما شملت التكريمات كلا من عبد الحميد رمضاني المدير السابق لمسرح قسنطينة، جمال دكار، عيسى رداف وحسان بوبريوة، حيث تحصل المكرمون على هدايا قيمة، تنوعت بين الأجهزة الكهرومنزلية وأجهزة الإعلام الآلي. وحسب مدير مسرح قسنطينة الجهوي، السيد محمد زتيلي، فإن هذا التكريم جاء في وقته، وهو يمس المجموعة الفنية التي صنعت الحدث منذ السبعينيات على خشبة المسرح، مضيفا أن هذا التقاعد ما هو إلا إجراء إداري خاصة وأن كل هذه الوجوه الفنية لا تزال قادرة على العطاء وأن أبواب مسرح قسنطينة ستبقى مفتوحة أمامهم. من جهته، عبرّ الممثل الفكاهي عنتر هلال، عن فرحته الكبيرة بهذه الالتفاتة من إدارة المسرح وكذا السلطات الولائية بقسنطينة، مضيفا أنه سيكمل مسيرته الفنية وأن هذا التقاعد لن يثنيه عن المشاركة في كل الأعمال الفنية الهادفة التي ستعرض عليه سواء بقسنطينة أو خارجها، لأن الفن حسبه لا يؤخذ بعين الاعتبار لمثل هذه الشكليات، وقال هلال أن المسرح بالجزائر ما يزال يعاني، مضيفا أن العروض تبقى ضعيفة وتغلب عليها الجماليات أكثر من شيء آخر. أما زميله نور الدين بشكري، فقد ثمن هو الآخر على هذه المبادرة التي جاءت من داخل الأسرة الفنية، حيث وجه رسالة حب وتعاطف مع كل الفنانين الجزائريين، مضيفا أنه يحضر للعديد من المشاريع السينمائية والتلفزيونية، وعن رؤيته للمسرح، أكد أن هناك حركية كبيرة، من خلال الأعمال التي تقدم عبر مختلف مسارح الوطن وأنه شخصيا متفائل بمستقبل المسرح والفن على العموم خاصة بعاصمة الشرق الجزائري التي استفادت من فضاءات ضخمة في إطار عاصمة الثقافة العربية ستسمح لها بأن تلعب دور الريادة في هذا المجال. بالمقابل، قدم الممثل المسرحي محمد ميهوبي، نهاية الأسبوع الماضي بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة بوهران العرض المسرحي الجديد من إنتاج الجمعية الثقافية الأمل يحمل عنوان ”كواليس العذاب” وتتناول أحداث مسرحية كواليس العذاب التي يتقاسم فيها الكوميدي زهير بن ددوش في قالب درامي وكوميدي حالة وسلوك الممثل المسرحي في الكواليس، قبل أن يرفع الستار ويظهر فوق خشبة المسرح ليواجه الجمهور، بما تحمل تلك الحالة من مشاعر ممزوجة بين متناقضات عدة، إلى جانب الخوض كذلك في أمهات المشاكل والعراقيل التي قد تقف حجر عثرة أمام الممثلين المسرحيين أثناء تحضيرهم لأعمالهم المسرحية. كما سلط الضوء خريج برنامج ”قهوة القوسطو” الممثل زهير بن ددوش، على بعض الظواهر الاجتماعية التي يعيشها الشاب الجزائري خاصة، وفرضت نفسها بشكل قوي في ذهنيات الكثير من شبابنا وهي فكرة ”الحرقة” أو الهجرة غير الشرعية نحو الضفة الأخرى، بالرغم من المعاناة التي يعيشها ”الحراق” في تلك الرحلة التي لا يضمن فيها وصوله سالما، وإن حقق ذلك فإنه قد يعيش حياة التشرد في بلدان تسجل فيها معدلات البطالة نسبة لم يسبق أن عرفتها من قبل بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها القارة الأوربية. كما تناول الممثل شخصيات عن عينات لشباب حققوا حلمهم في العمل والاستثمار داخل بلدهم بفضل الميكانيزمات التي وضعتها الدولة لصالح الشباب لولوج عالم الشغل من بابه الواسع في محاولة منه لإقناع الشريحة من الشباب الذين لازالوا يؤمنون ب"الحرقة” بالعدول عن الفكرة واختيار حل من الحلول الواقعية التي وضعت تحت تصرفهم للحصول على مناصب شغل تكون البداية نحو حياة كريمة. من جهتها، احتضنت دار الشباب لمدينة خميستي (تيسمسيلت) يوما إعلاميا حول ”واقع مسرح الطفل”، وشملت هذه التظاهرة المنظمة من طرف جمعية نشاطات الشباب لبلدية خميستي معرضا للصور يسلط الضوء على مشاركات الفرقة المحلية ”نجوم الخشبة” في عديد التظاهرات الوطنية والجهوية الخاصة بمسرح الطفل وأخرى تتعلق بالطبعات ال11 للمهرجان الجهوي لمسرح الطفل الذي يقام سنويا بذات المدينة. كما تم عرض ملصقات تحوي معلومات ومفاهيم حول واقع مسرح الطفل بولاية تيسمسيلت والفرق المتخصصة في هذا المجال، وعقد بالمناسبة لقاء تحسيسي جمع عددا من الشباب المنخرطين بدار الشباب لخميستي وإطارات الجمعية المذكورة سمح بتقديم شروحات حول تأثير الفن الرابع على الطفل وأهميته في توعية المجتمع ووقايته من الظواهر السلبية المختلفة. واختتمت التظاهرة بعرض مسرحية ”رسام ورسوم”، التي تعد من آخر انتاجات فرقة ”نجوم الخشبة” من تأليف عبد الرحمان بودومي وإخراج هنيني محمود، حيث تتناول شخصية رسام يملك لوحات لشخصيات من الرسوم المتحركة ويحلم بأن تكون حقيقية غير أن رجلا يحولها إلى شخصيات شريرة قبل أن يتمكن الرسام من التغلب عليه وترجع تلك الرسوم إلى حالتها الأصلية التي تعوّد عليها الأطفال.