إلى جانب كونه جامعا لصور الجزائر القديمة ومن حقبات تاريخية مختلفة، عمل محمد على إعادة إحياء هذه الصور بتحويلها إلى لوحات مطبوعة على القماش بكل وضوح، وهو إبداع جديد في عالم الفن دخل حديثا إلى الجزائر. جمع الفنان في حرفته الجديدة بين هواية جمع الصور التاريخية التي تعكس الحياة الاجتماعية القديمة من خلال التنقل عبر مختلف الولايات للبحث عن صور تروي فترة تاريخية معينة ليجسدها على لوحاته التي شملت العديد من الأماكن، على غرار القصبة، قسنطينة، تلمسان، جيجل وورقلة، والتي عرضها مؤخرا بمناسبة اليوم الوطني للقصبة. هو شاب في مقتبل العمر، إلا أن اطلاعه على التاريخ الجزائري جد واسع، لا يجسد صورة فوتوغرافية على القماش إلا بعد أن يدرس واقعها وتاريخها أو يطلع على السيرة الذاتية للمصور الذي التقطها. تعد صور الجزائر في العهد الاستعماري المفضلة لدى محمد، فحبه الكبير لوطنه مكنه من إيجاد الجمال في كل ركن من زوايا هذه الصور. وفي حديثه ل"المساء”، أوضح الحرفي أن بعض الصور التي جمعها من مختلف المناطق، لاسيما من الدول الأجنبية، ظهرت على بعضها علامات القدم مثل الاصفرار أو عدم وضوح الصورة ومحو جزء منها، أو تمزقها، إلا أنه بفضل التكنولوجيا يستطيع إصلاحها وجعلها تبدو في غاية الوضوح بعد طبعها على القماش. يشير محمد إلى أن تقنية الطباعة على القماش وسيلة فعالة للمحافظة على الصورة والتمكن من تعليقها على الجدران داخل البيوت والمكاتب لتعكس بذلك حقبة تاريخية معينة. ومن محاسن هذه اللوحات أنها تقاوم العوامل الطبيعية وعامل الزمن الذي يفسد جمال الصورة. ولم يكتف الحرفي بطبع الصور الفوتوغرافية فقط، إنما أخذ أشهر اللوحات الفنية التشكيلية الجزائرية لفنانين مشهورين وهواة وطبعها على القماش، فبدت لوحات جديدة. وككل الحرف يؤكد محمد أن هناك بعض العوائق التي تواجهه خلال قيامه بأعماله الحرفية، وأوضح أن أهم مشكل يقابله خلال البحث عن صورة معينة، عدم إيجادها وإن وجدت فتكون بأسعار جد عالية، حيث أشار إلى أن عملية جمع الصور الفوتوغرافية تستدعي أحيانا الانتقال إلى الدول الأجنبية، خاصة فرنسا، وعند بحثه عن صورة تعود إلى التراث الجزائري، يجد أن أغلبية أمناء وموظفي الأرشيف من أصول يهودية، يتعمدون بيع أبسط الصور بأثمان خيالية، إلا أن الأمر لم يمنعه من اقتنائها، ومشاطرة رؤيتها والاستمتاع بجمالها الفريد مع كل الجزائريين من خلال تنظيمه للمعارض. طالب الحرفي في العديد من المناسبات بإعطائه بطاقة الحرفي ليتمكن من المشاركة في المعارض الدولية وعرض إبداعاته والتعريف بالتاريخ الجزائري عن طريق الصور الفوتوغرافية الرقمية المطبوعة على القماش. للإشارة، تعد اللوحة الرقمية شكلا من أشكال الفن الرقمي، ظهرت في سنوات التسعينات، حيث تطبق تقنيات اللوحة التقليدية مثل الألوان المائية والزيوت، لكن باستخدام الأدوات الرقمية من خلال الكمبيوتر والبرمجيات.