تحدث الحرفي عبد الناصر سنوسي، عن آخر معارضه الفنية، حيث عاد مؤخر من اليونان، وتركيا، وتونس، أيّن عرّف بالثرات الفنّي الذي يغتزل من خلاله عباقة وجمالية القصبة العتيقة بلوحات كلها تروي تاريخ بني مزغنّة، عن طريق الزخرفة النحاسية. من المنتظر أن يُقدم الحرفي عبد النّاصر سنوسي هذا الشهر معارض فنية في عدد من القاعات،على غرارمقر سفارة فرنسابالجزائر، والولايات المتحدةالأمريكية، مشيرا إلى ما تحظى به لوحاته من إعجاب الزوار خاصة الأجانب والسواح ،الذين يستمتعون بمشاهدة القصبة العتيقة التي تروى مدى جماليتها المعمارية كإرث حضاري فريد من نوعه. الفنان الحرفي سنوسي، عشق الفن التشكيلي منذ نعومة أظافره، أراد أن يتعلمه ويتقن أشكاله، حيث حاكي أفكاره من رسومات لا تشبه الإبداع المعروف، إمتلك العصامية إلى أبعد الحدود، يترك بصماته في معظم لوحاته النحاسية، كونه إبن بني مزغنّة. سنوسي يشتهر إسمه بين أزقة القصبة العتيقة وكفنان ناجح، خاصة وأنه يستمتع بمدغدغة اللوحات التي يحملها محله الواقع في القصبة السفلي، إذ أنه يفصل بين السفلى والعلي، ليحمل محله أجمل اللوحات بطريقة نحاسية صادقة الإحساس. استضافنا الفنان في محله النحاسي، حيث تتبعنّا خطوات رسوماته، وكيفية تحويل صورة صماء إلى لوحة عصامية ناطقة، منقوشة على صفائح النحاس، فحين تحمل أنامله بعض الأشياء البسيطة ليرسم أشكالا متعددة معظمها تتكلم عن القصبة العتيقة، فبعد أن رسم النموذج على صفيحة نحاسية، يُضيف لها مادة براقة تزيد في لمعانها وجمالها بالإضافة إلى بعض السوائل. وحين أنهى تشكيل لوحته، يقول عبد الناصر» في بداياتي كنت لا أتقن ممارسة القلم جيدا، فحين أخطئ على صفيحة النحاس أستغنيّ عنها لجهلي بالأمر، ولكن بعد مرور الوقت أدركت أنه لا وجود للخطأ، لأنه قد يمنحني شكلا آخر ومميزا«، أما عن موطن هذا النوع من النحاس فكانت ايطاليا وفرنسا وتركيا مصدر جلبه، لأنه عبارة عن صفائح رقيقة، يستعمله عاشق هذا الفن، ليترك بصمته في رسومات تحاكي الكثير من الحكايات، فسنوسي يرفض أن يستغني عن القصبة في أشكاله لأنها منبر إستلهام أفكاره، عن طريق البحث المستمر. وقد أشار محدثنا، إلى مدى اهتمام الأجانب بالموروث الجزائري، من خلال دراسته وتصويره، وتدوينه، على غرار الفرنسيين، ومنهم المصور الفرنسي بولقيو الذي إلتقط صور للقصبة في فترة الاستعمار لإعجابه بها ومن أمثاله الكثيرون. الملفت للإنتباه، أنّ المحل يتزين بلوحات عديدة لكنها مخالفة لما عاهدناه، جلّها عبارة عن نحاس فاتح الألوان، تطوف فيها زنقات وأحياء و أبواب القصبة الشاهدة على تاريخ هذا الوطن، منها » زنقة الشيطان«، »مزعزع راسو«، »دار عزيزة«، متحف » مصطفي باشا«، » جامع كاتشاوة«، »جامع الكبير«، وغيرها مجسدة على صفيحة النحاس، كما رسم »الرجل الترقي« و»جسور قسنطينة«، و»الأمير عبد القادر«، وقبر »سيدي بومدين « وغيرها. كما يستعمل سنوسي، في نقشه على اللوحة تقنيات جديدة عن طريق استخدام الألوان المختلفة تُزاوج الطبيعة بحكاية أخرى وقصة جديدة، كما لا يكتفي الحرفي ناصر على استخدام النحاس الأحمر والأصفر والأبيض وإنما للطلاء شكل آخر يضفيه على النحاس كونه إبداع متميز. مُوضحا أنّه لا يعتمد بشكل كامل على طريقة معينة بل يحرصه على استخدام طريق جديدة. عبّر الحرفي سنوسي عن ارتياحه حين يقدم لوحاته للجمهور، خاصة منهم الأجانب الذين يسعون للبحث واقتناء مثل هذه اللوحات بإعتبارها تروى وتحمل جمالية القصبة العتيقة، وقد شاركت أعماله في العديد من المعارض، ومن جهة أخرى أبدى استيائه من عدم وجود أنامل إبداعية لهذا النوع من الفن، موضحا أن إهمال البعض لمثل هذه الحرف تؤدى إلى زوالها وإندثارها، مثلما غاب عنا صناع» الطربوش«، » البابوج«،» صناديق العروسة«.. ويسعى سنوسي لتعليم هذه الحرفة للأجيال ولعشاق الفن التشكيلي لتبقي عبر الأزمان، للحد من زوال الصناعات التقليدية التي يرجع تاريخها لفترات قديمة ولمراحل متعددة من تاريخ الجزائر.