يُعد الاختراع فعلا ثقافيا وحضاريا بالدرجة الأولى؛ فهو يحمل المجتمع إلى مصاف مميّز، ويساهم في ترقيته بصفة أكيدة. كما تُعدّ الفكرة ملكا خاصا لصاحبها لا يشاطره فيها أحد، وهو ما كان لبعض مخترعينا الذين نزلوا ضيوفا على مكتبة "ديدوش مراد"، بمناسبة الاحتفال بيوم العلم. بابتسامة وصدر رحب، تحدّثت عائلة عباد إلى "المساء" عن اختراعاتها التي بلغ عددها 17 اختراعا، ومن بينها اختراع ابنها الصغير رضوان، الذي قال إنّه كان برفقة والده ليلا على متن السيارة، وفجأة اصطدمت السيارة بممهّل، مما تَسبّب في مضاعفات لوالدته التي تمّ نقلها إلى المستشفى، وهكذا فكّر في اختراع ممهّل مضيئ، وبالقرب منه عمود مضيئ أيضا، يشكّل في النهار ديكورا للمدينة، وفي الليل يمكّن أصحاب السيارات من الرؤية، وبالتالي التخفيض من السرعة، والتقليل من نسبة حوادث المرور. وهناك أيضا اختراع آخر يتمثّل في سوار الأمراض المزمنة، اخترعته السيدة مليكة عباد، وصمّمه كالعادة زوجها جمال، ويحمل معلومات المريض وكذا ملفه الطبي. وفي هذا السياق، قالت السيدة مليكة إنّها صاحبة الأفكار فيما يتعلّق بالاختراعات رفقة ابنها، ويتكفّل زوجها بالتصميم والتجسيد، مشيرة إلى صعوبة تحقيق الاختراعات في الجزائر؛ نظرا لقلة الإمكانات وانعدام التمويل من السلطات المتخصصة. أمّا جمال فيرفض رفضا قاطعا بيع الأفكار الجديدة لأيٍّ كان رغم الإغراءات، مقدّما مثالا بأمير سعودي طلب من العائلة بيع فكرة سوار الأمراض المزمنة، وهو ما تمّ رفضه، مضيفا أنّ الجزائري أولى بأن يستفيد من اختراعات أولاد بلده، ليتساءل باستغراب: "كيف لي أن أبيع فكرتي، ثم أشتري المنتوج الكامل من بلد آخر؟"، مؤكدا على ضرورة أن تسوَّق الاختراعات لا الأفكار، التي بحاجة لأن تتجسّد في البلد ليستفيد منها أبناؤه، ليضيف أنّ الدول الغربية تحترم المخترعين وتبجّلهم؛ لأنها تؤمن بالربح الذي تستقيه من الاختراعات. من جهتها، أكّدت السيدة مليكة أنّ الهدف الأوّل من مشاركة العائلة في مثل هذه التظاهرات، هو تشريف الجزائر. أمّا الهدف الثاني فهو المساهمة في تنمية اقتصاد البلد، داعية السلطات لتقديم يد المساعدة؛ إذ أنّها تشارك في الفعاليات الدولية على نفقتها الخاصة. وفي هذا السياق، تحصّلت العائلة على عدة شهادات محلية ودولية بفعل اختراعاتها المتنوعة، مثل جائزة الأولمبياد العالمي للمخترعين بتونس، وميداليات متنوّعة. جديد العائلة يتمثّل في اختراع يخصّ العميان. أمّا الاختراع الأكبر والذي يتطلب إمكانات ضخمة لا تمتلكها العائلة، فيتمثل في بيت ذكي، يفتح أبوابه لأصحابه، ويمكن مالكه من التحكّم في غرفه الداخلية عن بعد. من جهتها، قدّمت السيدة فايزة جعفر شريف ابتكارها المتمثّل في كريم وغسول مستمَد من شجرة الصابون. وفي هذا كشفت ل "المساء" أنّه جاء بعد الظروف المادية الصعبة التي مرّت بها بعد وفاة زوجها؛ فلم تقف مكتوفة اليدين، بل استغلت الأرض التي تحيط ببيتها والتي تملأها أشجار الصابون، فقامت بإنتاج مواد طبيعية لتقشير البشرة وتنظيفها من البثور والنقاط السوداء والبقع البنية. وتحصلت فايزة على براءة الاختراع، كما حلّل مخبر باستور منتوجها، وتلقت أيضا رخصة تسويقه، وهو ما تقوم به حاليا، إضافة إلى منتوج آخر، يتمثّل في زيت كيراتين طبيعية لمعالجة تلف الشعر وكذا لتطويله. وقد تحصّلت بدورها على عدة جوائز، من بينها الجائزة الثانية في البحث العلمي، إلاّ أنّها تشتكي من صعوبة تسويق منتوجها؛ نظرا لإمكاناتها الضئيلة. وذكرت أنّها أعطت لمنتوجها اسم "لؤلؤة شمال إفريقيا"؛ حبّاً في الجزائر.