هي مفخرة ثلاثية للجزائر ، أن يخطو زوجان يجمعهما حبُ الاكتشاف خطوات عملاقة في عالم الاختراع ، و يضعا فيه بصمتهما بكل شرف ، ليلحق بهما طفلهما الذي يعدٌ أصغر مخترع في الجزائر ، بفكرة مبدئية بريئة خدمة للإنسانية ، و لأنّ الحاجة أمُ الاختراع ، حصلت السيّدة عباد مليكة على براءة اختراع ساعة يدوية لصالح أصحاب الأمراض المزمنة، كونها من هذه الفئة ، فيما بلغ مشروع زوجها المتعلق باختراع سيارة تسير بالطاقة الكهربائية نسبة 65 بالمائة ، أما طفلهما الذي لا يزيد سنّه عن 13 عاما ، فقاده تفكيره الطفولي إلى صغار فلسطين الجريحة ، و شغّل أفكاره في كيفية إفادتهم بمصباح كهربائي في كل بيت غزاوي ، لا ينطفئ نوره حتى و إن قصفت إسرائيل أعمدة الكهرباء . مريم والي التقيناهم بمعرض الصنوبر البحري خلال أيام الصالون التركي المقام بالجزائر مؤخرا ، أين اقتربنا من السيّدة عباد مليكة بعدما شدّ انتباهنا شهادة شرفية منحها لها النادي العلمي لولاية سطيف بعد مشاركتها في الصالون الأول الأورو مغاربي ، إلى جانب لوحة أخرى تعرّف فيها بنفسها بكونها باحثة و مخترعة و رئيسة المكتب الولائي لبومرداس بالمنضمة الوطنية للمبدعين و البحث العلمي ، فضولنا دفعنا لمعرفة اختراع السيّدة ، الذي نلخصه بدورنا لعامة الناس في بضع أسطر . حصلت السيّدة مليكة على براء اختراع ساعة يدوية تخدم بالدرجة الأولى أصحاب الأمراض المزمنة ، كالمصابين بالداء السكري ، الضغط الدموي ، مرضى القلب ، الهيموفيليا ، فقر الدم و غيرهم ، و هي عبارة عن جهاز إلكتروني مصنوع من مادة البلاستيك ، و قد خصصّت لون الساعة الأخضر للمصاب بالسكري أما الأحمر فهو للمصاب بالضغط الدموي ، أما الأبيض فهو لباقي الأمراض المزمنة ، و تقول المخترعة عن سبب تخصيصها هاذان اللونين لهاذين المرضين دون غيرهما " أعراض المصابين بالداء السكري و كذا الضغط الدموي متشابهة خلال دخولهما في غيبوبة ، لهذا يتوجب التفريق بينهما عند حدوث حالة إغماء لهما بزرّ واحد نضغط عليه، و هذا ما يساعد الطبيب بنسبة 50 بالمائة في القيام بعمله مع المريض ، دون أن يحتاج هذا الأخير لإخضاعه لجملة التحاليل الطبية ، التي يمكن لتأخيرها أن يكون سببا في موت المصاب قبل إسعافه " . و تحمّل هذه الساعة بالملف الطبي الكامل للمصاب بشكل الكتروني يعمل مثل " الفلاش ديسك " إذ يمكننا تحميله بكل المعلومات بما فيها الشخصية ، كزمرة الدم أو الشخص الذي نرغب بالإتصال به في حالة غيبوبة ، كما يمكننا أن نطوف بها العالم من دون أي مانع يوقّف تشغيلها ، و هو ما يخدم بشكل آخر المرضى الراغبين في زيارة البقاع المقدّسة و تأدية فريضة الحج . "الحاجة أمُ الاختراع " مقولة تنطق بالتمام على السيّدة مليكة ، إذ أن فكرة اختراعها لهذه الساعة لم تأتي من العدم ، فهي لطالما كانت تُشغل فكرها بوالدها المصاب بالسكري ، كما أنها مصابة بالصنف الثاني من هذا الداء ، و حدث أن وقعت في حادث و خضعت لثلاث عمليات جراحية ، و في المستشفى لاحظت توافد العديد من المرضى ممّن تعرّضوا لمضاعفات صحيّة بسبب عدم تشخيص حالتهم المرضية في الوقت المناسب ، و هنا تولّدت لديها فكرة اختراعها ، الذي كان في البداية على ساعة بلون واحد إلى أن جاءتها فكرة تحميله بالمعلومات بصفة إلكترونية ، كما أنها تعمل حاليا على تزويده ب " MP 3 " للشباب الراغبين في الاستماع بالموسيقى . السيّدة مليكة لم تدخل بمفردها عالم الإختراع ، بل لزوجها جمال أيضا مشروع تحدّى به فرنسا و أمريكا ، يحدثنا عن خطواته الأولى في عالم الاكتشاف ، فهو لا يزال يتذكر تسببّه في حرق عدّاد المنزل حينما كان طفلا ، عندما حاول صنع جرس كهربائي ، و من يومها صار التركيز في عمله و الدقة شرطان أساسيان عنده في القيام بأي عمل ما ، هو الآن لم يشأ التحدّث بشكل كبير عن مشروعه الذي استكمله بنسبة 65 بالمائة لأسباب تفهمناها ، فلا يبدو أن اختراعه يتعلّق بسيارة تسير بالطاقة الكهربائية و فقط مثلما تحدّث ، لكنّه شاء التحفظ إلى حين حصوله على الموافقة التامة من السلطات المعنية . من الزوجين نصل إلى ابنهما رضوان أصغر مخترع في الجزائر في مخيّلته الصغير خمس إختراعات كاملة ، تحدث هو الآخر عن ثلاثة دون تفصيل و تكتّم عن إثنين آخرين ، صاحب ال 13 ربيعا ، وجد اختراعا يخدم المعوقين و المصابين بالبدانة حين قيادتهم لمركبتهم ، كما أنه يعمل على اختراع مصّلح عجلات حين تعطّلها في الطرقات السريعة ، و لعّل أجمل فكرة مبدئية يسعى إلى تجسيدها بمساعدة من الدولة الجزائرية إن تكفّلت بنقله رفقة والده إلى فلسطين ، هو تزويد كل بيت غزاوي بكهرباء ذاتية ، لا ينطفئ بها نور المصباح حتى و إن قصفت إسرائيل أعمدة الكهرباء ، لعدم الحاجة لهذه الأخيرة من الأساس ، كيف جاءت هذه الفكرة لطفل في هذا السن ؟ يقول رضوان الطفل بكل براءة " نحن في الجزائر ننعم بالأمن ، ندخل مقهى الأنترنيت و نلعب الألعاب الإلكترونية ، أما أطفال غزة فهم في حرب دائمة ، و لا يجدون حتى مصباح يدرسون على ضوئه " . جميل أن نفكّر في خدمة الإنسانية ، و جميل أن تجد عائلة من ثلاث أفراد تصبُ اهتمامها في عالم الاختراع ، و لكن الصورة الأجمل التي أخذناها عن السيّدة مليكة و زوجها جمال و طفلهما ، أن زواجهما كان تقليديا بحتا ، أي أن المخترع لم يبحث عن مخترعة ليتزوّجها ، بل أنهما دخلا بيتا بسيطا بعد قرانهما ، لا يتوفّر لا على ماء و لا على كهرباء ، فراحا يشغّلان فكرهما في كيفية إيصاله بهما ، رغم أن مستواهما لا يزيد عن الثالثة ثانوي ، و بخطوات بسيطة تخدّم العقل ، وصلا إلى ما وصلا إليه الآن ، و أنجبا طفلا هو الآخر يستلهمه حبّ الإكتشاف لأبسط الأمور في البيت ، بما فيها ، كيف يتجمّد الماء في الثلاجة ؟ فهل ستقف الدولة الجزائرية لدعم عائلة بسيطة تكررّت على مسامعها الوعود ؟