افتكت المسرحية الجزائرية ”رسالة إنسان” لفرقة ”مرايا” من جامعة قسنطينة أوّل أمس، الجائزة الكبرى لمهرجان فيلادلفيا الحادي عشر للمسرح الجامعي العربي بالعاصمة الأردنية عمان. اختير العمل المسرحي ”رسالة إنسان” الذي ألف نصه الكاتب العراقي هادي المهدي وأخرجه ميلاد صلاح الدين على الخشبة ليكون أحسن عرض متكامل ضمن فعاليات مهرجان فيلادلفيا الحادي عشر للمسرح الجامعي العربي، وتتطرق المسرحية عبر شخصياتها بما يكنه الإنسان وما يريد الوصول إليه، إلى كافة الجوانب السياسية والاجتماعية والعربية التي يعايشها المواطن العربي والجزائري على وجه الخصوص. وتأخذك المسرحية التي عرضت يوم الأربعاء المنصرم في أجواء تبدو فلسفية الطرح إلى موضوع الوجودية بطرق عديدة وجدوى الحياة في ظل كل ما يمر به الإنسان، وتوقعك مباشرة بالتفاصيل التي تود البوح بها، ففي البداية تتوحّد الشخصيات بصلة صداقة وقرابة، ثم يختلفون وينفجرون ويظهر جليا ما وظّفه المخرج في طريقة ارتداء اللونين (الأبيض والأسود)، قاصدا الموت والحياة، وربما الحقيقة والظلام وكثيرا من اللفتات التي رأى المخرج بمسرحيته التجريبية أن يقدمها على الخشبة. وتستعرض المسرحية حالات نفسية متشعبة بالحديث عن الأسرة، الزوجة والابنة والمتشردة في مكان واحد يجمعهم عند منصة الموت، وهي الملجأ الوحيد للخلاص، كما يتضح، والذي أصبح في نظر البعض مجرد تمثيلية تصوّر على أجهزة الهاتف النقال لإثراء المشهد، أسباب الموت كثيرة، فلماذا يستعجل الإنسان موته؟ هذا ما قدمه أحد المشاهد حين تحاول الشخصيات الانتحار، ومنه التراجع ربما بالوقت الحالي فقط. وتتواصل المشاهد بعرض شخصية مصيرية لرجل يسأل ويجوب الطرق بحثا عن إجابة توحد العمل بطريقة ما وتفسر تلك الظروف التي تعيشها الشخصيات الأخرى على الخشبة، ويقف منتظرا الأجوبة ويكتب الرسائل. الرسائل التي يطالب بها مسلوب الإرادة قد يعتقد البعض أنها مادية بالوقت التي حملت فيه العمل اسم ”رسالة إنسان”، فكانت الرسائل إنسانية بحته موجهة بالدعوة إلى الله في أن يزيل الحروب والعنف والدمار ويشيع المحبة والوفاء والخير. وتتواصل الأحداث بأن يصرّ الرجل على حمل رسالته لله فينتحر، وتظل الشخصيات الأخرى تنتظر الإجابة، لكن لا إجابة ولا حلول، ويعودون محملين بأسباب موت أخرى ينتظرون نهاية أو خاتمة في ظل تسابقهم على الكرسي والمنصب. مسرحية ”رسالة إنسان” الجزائرية مباشرة في طرحها رغم عمق الدلالات والرمزيات التي تحمل تفسيرات بفضاء كبير تتسع لأن تكون مشابهة لكل حالات الأوطان العربية وحتى الأفراد والشعوب، هذا الفضاء المحكي والممسرح الذي وضعه المخرج في محاولة لمعالجة نفسية الإنسان، ترك بالتأكيد الأثر الأكبر في أهمية الغوص في الحياة والعيش فيها أينما حلّ وكان وبسلام. سينوغرافيا العمل كانت متناسقة من إضاءة وديكور بسيط طوّع لخدمة العمل، فيما جاء أداء الممثلين متفاوتا، إلا أنه لم يؤثر على الصيغة الكاملة للعمل المسرحي. العمل من تمثيل بودربالة أيوب، بودماغ محمد الصديق، عباسي ياسمين، نجاعي عبد الجليل، سيراوي هاجر، ميلاط صلاح الدين، يوسفي سوسن. تقني الصوتيات زيات أبو بكر الصديق، تقني إضاءة قلقولة وليد، سينوغرافيا بودربالة أيوب وإخراج ميلاط صلاح الدين.