«حاول أن تكون عظيما دون أن تكسر أحدا، حاول أن تسكن القمر دون أن تؤذي النجوم، حاول أن تتقبل الهزيمة دون أن تنهزم، حاول أن تكون عاشقا دون أن تكذب على نفسك، حاول أن تحب شخص ما دون أن تكذب على نفسك، ابحث عن الحقيقة في خبايا الظلام"، هي مشاهد متفرقة من مسرحية رسالة إنسان عرضت أمس، بقاعة حاج عمر خارج إطار المنافسة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته السابعة. عاد اقتباس وإخراج العرض لصلاح الدين ميلاط عن نص “رسالة إلى الرب" للكاتب العراقي هادي المهدي، أما البطولة في التمثيل فقد شخصتها نخبة من الممثلين الواعدين على غرار بودماغ محمد الصديق، ميلاط ميساء، زيات أبوبكر الصديق، نجاعي عبد الجليل، قلقولة وليد سيراوي ،هاجر يوسفي وبوديسة عبد الحكيم. يعالج العرض المندرج في صنف المسرح العبثي قصة شخص يبحث عن الحقيقة الإنسانية، وهو الدافع الذي جعله يغوص داخل فجوة عميقة مليئة بالمصاعب، بحثا عن الحقيقة وعن العدالة الإنسانية. وقد تطرق النص المسرحي إلى الأسباب التي جعلت من الإنسان مجرد آلة حادة تعمل على تحويل الأشياء الجميلة إلى لوحات قبيحة خالية من الحب والأحاسيس الدافئة، وهذا ما نجح فيه الممثلون من خلال نقلهم مشاهد متنوّعة للألم والحزن الذي لوّث كل مظاهر الحب والجمال. فضل المخرج إحداث بعض الإسقاطات المستمدة من الواقع الجزائري كتطرقه للآفات الاجتماعية منها الرشوة التي طغت على المؤسسات العمومية دون أن ينسى الكشف عن مظاهر الظلم والغبن التي أصبحت تصد طريق أشخاص عاديين من عامة الشعب، وما التمسناه من خلال العرض أن المخرج حاول كسر الطابوهات الموجودة داخل المجتمع بطريقة عبثية، وهذا ما جعل العرض يحمل أكثر من دلالة وأكثر من رسالة، أما السينوغرافيا التي كانت من توقيع بودربالة أيوب، وبالرغم من بساطتها، فقد جاءت ملائمة مع مشاهد العرض، حيث صورت المشاهد بطريقة حملت في العرض الكثير من الدلالات والإيحاءات التي ولّدت المتعة للمتفرج، الأمر الذي جعل من “رسالة إنسان" أن ترقى إلى مفهومها العميق. أما الممثلين، فقد تمكنوا بطريقتهم الخاصة من المزج بين لغة الحوار ولغة الجسد وهذا ما أضفى على العرض نوعا من المتعة والجمال، والجميل بالعرض التفاعل التلقائي للجمهور، حيث استحسن فكرة العرض منذ الوهلة الأولى وهذا ما دفع بالممثلين الشباب إلى إخراج كل ما لديهم من طاقة إبداعية لخلق نوع من التناسق بين اللوحات الفنية.