بقدر ما للشعب الجزائري من حرص على أمن الجزائر واستقرارها،، وجعلهما من أولى الأولويات، وبقدر ما أولاه رئيس الجمهورية لذلك وجعله ضمن أولويات برامجه الانتخابية،، فإن الدول الغربية -يقول بعض المراقبين- حريصة أيضا على الاستقرار الذي تعيشه الجزائر، خاصة بعد الثورات التي تعيشها المنطقة، ودول الساحل، وهذا ليس حبا في الجزائر ولا رأفة بالجزائريين، ولكن لتأمين مصالحها في المنطقة. فالجزائر اليوم بموقعها الجغرافي وإمكانياتها المادية وقوة جيشها وقدرته القتالية، وخبرتها في مكافحة الإرهاب، أصبحت عنصرا مهما في المعادلة الدولية، فالأستاذ لزهر ماروك يقول: ”إن الجزائر تعتبر بلدا مهما بالنسبة لدوائر صنع القرار في واشنطن التي تنظر بعين الأهمية للجزائر باعتبارها شريكا استراتيجيا على أساس التعاون الاستخباراتي والأمني، كما تعد من الدول الرائدة والمهمة في شبكة المصالح الأوروبية باعتبارها مصدر الطاقة لأوروبا، وخاصة بعد الأزمة الأوكرانية، وفي حال توقف الأمدادات الغازية الروسية، ستصبح الجزائر بديلا طاقويا لها”. أما الدكتور حمود صالحي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، فيرى في تصريح لقناة ”الحرة”: ”أن تفضيل الولاياتالمتحدة لمصلحتها في الجزائر والمنطقة العربية، يجعلها تبحث عن استقرار النظام السياسي”. ومن جهتها، تقول الملاحظة الحرة آن ماري ليزين: ”استقرار الجزائر يهم كافة الدول الأوروبية”، ولا يسع المقال هذا لذكر العديد من التصريحات والتحاليل التي تصب في هذا الاتجاه. المرجع في كل هذا أن السياسية التي انتهجتها الجزائر، منذ بداية هذا القرن إلى اليوم، امتازت بالتكيف مع مجريات التحولات التي تحدث في العالم، فأقدمت بكل شجاعة على وضع برامج إصلاح وتغيير طموحة، مكنت من إرساء قواعد ثابتة للتحول الديمقراطي، ضمن أطر المبادئ والمعتقدات الراسخة في المجتمع الجزائري والتي اكتسبها من خلال السنوات الطويلة من الكفاح المرير من أجل الانعتاق والحرية والعيش في أمن وسلام. ولإيمانها بأن الديمقراطية تحتاج إلى قوة تحميها من غلو البعض وتطرفه، ولضمان توازن المجتمع وحفظ استقراره، أرست الجزائر قوة دفاعية وأمنية قوية عصرية تتحكم في التكنولوجيات الدفاعية الحديثة، وعززت مؤسسات الدولة وزودتها بالوسائل المادية والقانونية التي تمكنها من أداء مهمامها على أكمل وجه وفي كل الظروف. وإن كان بعضنا تغلب عليه العاطفة في الأمور السياسية إلى درجة يعتقد فيها أن أمنياته ورغباته الشخصية مطالب شعبية، لكن حين يصطدم بالواقع، تثور ثائرته ويصب جام غضبه على غيره، فإن الغرب يعتمد مبدأ المصلحة التي تنطلق من العقلانية، لا من العاطفة، ومن الواقع لا من الخيال، ومن دراسة المجتمع، لا مما يقال في الجرائد.