جدد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، التزام الجزائر بأن تكون طرفا فاعلا في المجموعة الدولية لصالح السلم والأمن و التعاون في العالم، من أجل نصرة القضايا العادلة، مبرزا في هذا الصدد رؤيتها الاستراتيجية في التعاطي مع هذه القضايا، على ضوء ما يربطها من علاقات مع المجموعات الإقليمية على مستوى المنطقة المغاربية والإفريقية والعربية و المتوسطية. فأمام السلك الدبلوماسي الحاضر أمس، في حفل أداء اليمين الدستورية بقصر الأمم، أبى رئيس الجمهورية، إلا أن يضمّن في خطابه البعد الدولي الذي توليه الجزائر أهمية في سياستها الخارجية، في إطار وفاء الجزائر لصداقاتها الكثيرة، ووجوه التضامن التي نشأت عنها. وبحكم الانتماء الجغرافي والتاريخي للجزائر للمنطقة المغاربية، فقد أبرز رئيس الجمهورية، أن بناء الصرح المغاربي سيبقى أولوية الجزائر، مضيفا في هذا الصدد "سنظل على استعداد للإسهام مع الشعوب المغاربية الأخرى في استيفاء الشروط القمينة بتمكيننا من تجسيد هذا المبتغى". ويشكل ذلك تجديدا لموقف الجزائر التي تعتبر أن بناء اتحاد المغرب العربي، يبقى خيارا استراتيجيا لا غنى عنه، في ظل دعوتها إلى المزيد من التنسيق الأمني والاقتصادي لمجابهة التحديات التي تواجه المنطقة التي مازالت تعرقلها المشاكل السياسية، في حين ترى أنه من الضروري تفعيل المجالات القطاعية من أجل الاستجابة إلى تطلعات هذه الشعوب. وغير بعيد عن هذه المنطقة فقد عبّر الرئيس بوتفليقة، عن التزام الجزائر بأن تكون على الدوام عضوا ملتزما في جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، لصالح تحقيق أهدافهما في دعم القضايا النبيلة ومنها القضية الفلسطينية، ولصالح الوحدة والأخوّة و الاندماج الجهوي. ويأتي هذا التأكيد في سياق إدراك الجزائر للتحديات الكبيرة التي تواجه المنطقتين العربية والإفريقية، فبالنسبة للأولى حيث تواجه أغلبية الدول العربية تغيّرات على إثر ما يسمى بثورات الربيع العربي، ركّزت الجزائر على أهمية التضامن والتنسيق بين الدول العربية في إطار الجامعة التي تبقى البيت الكبير للعرب، بتفعيل هياكلها و قوانينها وتكييف أنشطتها مع التطورات الدولية الراهنة، فكثيرا ما التزمت الجزائر بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع الدفاع عن مصلحة الشعوب واحترام خياراتها. أما بالنسبة للمنطقة الإفريقية، حيث تحرص الجزائر على إضفاء المزيد من التضامن بين أعضاء الاتحاد الإفريقي ، فإن الأهمية –بالنسبة لبلادنا- تكمن في نشر قيم السلم والأمن في هذه القارة التي أنهكتها الحروب والنزاعات، ولعلّنا نتذكّر في هذا الصدد أن قمة الاتحاد (منظمة الوحدة الإفريقية سابقا)، التي احتضنتها الجزائر في 1999، وهي السنة الأولى من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد رفعت شعار السلم كشرط أساسي للنهوض بالتنمية في القارة السمراء. أما التحدي الأكبر الذي مازال يواجه الأفارقة فيتمثل بالخصوص في مواجهة الإرهاب الذي تعاني منه منطقة الساحل، وانعكاساته على الجانب الاقتصادي والاجتماعي لسكان المنطقة، حيث تعمل الجزائر على توحيد الجهود بالتنسيق مع بقية الشركاء الغربيين من أجل وضع استراتيجيات فعّالة للتصدي لهذه الآفة العابرة للحدود. ونفس الرسالة بعث بها رئيس الجمهورية، إلى الشركاء الأوروبيين و المتوسطيين، حيث أكد أن الجزائر ستظل "شريكا ملتزما بتعهداته، يناضل من أجل السلم والأمن للجميع ويسعى في سبيل تعاون قائم على تبادل الاحترام والاشتراك في المصالح، في حين أكد أن الشعب الجزائري يكنّ الاحترام والمودة لشركائه في أوروبا وآسيا والأمريكيتين.