تعرف أشغال تهيئة وادي الحراش بالعاصمة تقدما كبيرا، خاصة على مستوى حي الدهاليز الثلاثة بالحراش، حيث بدأت معالم هذا المشروع وانعكاساته الإيجابية تتضح أكثر لتعطي صورة جديدة عن هذه المنطقة التي ارتبط اسمها بالروائح الكريهة والتلوث، كما بدأ حلم تحويل الأحياء والمواقع القريبة من وادي الحراش إلى أماكن للراحة والترفيه يتحقق تدريجيا، فبعدما كان عبارة عن هاجس يقلق سكان العاصمة، تحول إلى مصدر اهتمام وجذب بالنسبة للذين يرغبون في إقامة نشاطات ذات طابع تجاري تدرّ عليهم أرباحا طائلة بعد تسليم المشروع. الزائر لحي الدهاليز الثلاثة المجاور لوادي الحراش، يكتشف تقدم أشغال التهيئة التي يعرفها هذا الأخير والتي تقوم بها شركة ”دايوو” الكورية التي تعمل حتى في أيام عطلة نهاية الأسبوع، مثلما لاحظناه خلال زيارتنا للورشة التي تعمل على مستوى وادي بن طلحة ووادي الحراش، وبالضبط بالقرب من حي الدهاليز الثلاثة بالحراش، حيث تغيرت به الوضعية كثيرا، بعدما كان من المستحيل الجلوس ولو لفترة قصيرة بالقرب من الوادي، الذي عانى السكان المجاورون له نتيجة الروائح الكريهة والبعوض الذي أزعجهم طيلة سنوات، حيث لم تفلح مختلف المبيدات التي استعملوها في القضاء عليه بسبب التلوث الكبير الذي تمت إزالته من الجهة المقابلة لحي الدهاليز الثلاث.
سكان ضفاف الوادي يتنفسون الصعداء عبر لنا بعض سكان حي الدهاليز الثلاثة عن ارتياحهم لأشغال التنظيف التي مست الوادي الذي كان محل سخرية من قبل سكان العاصمة، والحراش الذين لم يصدقوا أن حلم زوال الرائحة الكريهة قد يتحقق يوما، حيث تأكدوا من أن ذلك ليس مستحيلا وقد يتجسد في الميدان قريبا، خاصة بعد فتح مصب الوادي الذي يتوافد عليه المواطنون على مستوى ”الصابلات”، بالرغم من تواصل الأشغال التي يتابعها قاطنو حي الدهاليز المجاور لوادي الحراش باهتمام كبير، مثلما لاحظناه خلال زيارتنا للمكان في بداية الأسبوع الجاري، وهو ما أكده أحد السكان القدامى، الذي أوضح ل”المساء” بأنه يزور موقع الأشغال يوميا لمعرفة مدى تقدمها، لأنها انعكست إيجابا على الحي وسكانه، رغم أنها لم تنته بعد، حيث زالت المظاهر السلبية من روائح كريهة وقمامة، فضلا عن زوال هاجس فيضان الوادي الذي كانت مياهه تغمر المنازل الموجودة على ضفافه، والتي ستشهد تهيئة واجهاتها الخارجية وجدرانها لإعطاء الوجه اللائق للمنطقة التي ستتحول إلى مكان للترفيه والتنزه يستقطب زوارا من العاصمة وخارجها.
أسعار الكراء تلتهب بحي الدهاليز وفي هذا الصدد، ذكر أحد السكان ل”المساء”، أن بعض التجار بدأوا في التفكير من الآن في تغيير نشاطهم والبحث عن آخر يستقطب الزبائن من زوار المكان ويدر عليهم أرباحا، مثلما هو الأمر بالنسبة لتاجر في مواد البناء الذي ينوي تحويل نشاطه إلى بيع المثلجات التي تلقى رواجا كبيرا لدى رواد هذا المكان في فصل الصيف، بينما سيتحقق حلم أحد الشباب الذي سيفتح محلا لبيع الأكل الخفيف الذي يستقطب هو الآخر الزوار من مختلف المناطق، حيث ينتظر أن يتم فتح نشاطات ذات طابع خدماتي تستقطب أكبر عدد من الزبائن. وفي هذا الإطار، تعرف أسعار العقار بالمواقع القريبة من وادي الحراش، ومنها حي الدهاليز الثلاثة، ارتفاعا كبيرا، ففي الوقت الذي لجأ البعض إلى بيع مساكنهم أو قطع أراضيهم بسبب المصاعب التي واجهوها في سنوات خلت وبأسعار منخفضة جدا، حيث بلغ سعر القطعة الأرضية خلال العشرية السوداء 45 ألف دينار، بينما حدث العكس في السنوات الأخيرة بعدما تخلى كل من يعرف هذا الحي عن نظرته السلبية، منذ الشروع في عملية تهيئة وادي الحراش، مثلما أكده لنا أحد السكان، مشيرا إلى أنه في وقت سابق كان الجميع يعتبر الإقامة بهذا الحي ”ضربا من الجنون”، بينما ارتفع سعر العقار المتواجد بالقرب من ضفاف الوادي، خاصة ذلك الموجود بحي الدهاليز الثلاثة، لينتقل سعر القطعة الأرضية به من 80 و100 مليون سنتيم إلى ملياري سنتيم، بسبب استغلال البعض، خاصة سماسرة العقار، فرصة هذا المشروع الذي سيحوّل ضفاف الوادي إلى حدائق تسلية وترفيه وأماكن للصيد، لشراء العقارات التي تباع حاليا بالملايير، رغم أن الأشغال لم تنته بعد، حيث ستطرد المناطق المجاورة لضفاف الوادي ”اللعنة” والوجه البائس الذي ترسمه الأحياء القصديرية والفيضانات. وأدرك أصحاب العقارات والسكنات المجاورة لوادي الحراش أهمية مشروع التهيئة الذي بدأوا يجنون ثماره منذ الآن، حيث يقوم حاليا كل من له قطعة أرض ببنائها سواء من أجل السكن أو الكراء، الذي ارتفع سعره بطريقة جنونية، إذ يتراوح بين 15 ألف دينار و18 ألف دينار شهريا بالنسبة لسكن مكون من غرفة واحدة ومطبخ أو غرفتين بالطابق الأرضي، كانت عبارة عن مستودعات وقام البعض بتحويلها إلى سكنات جاهزة للتأجير، بينما يصل سعر كراء مسكن من طابقين حسب أحد القاطنين بالحي، إلى 5.5 ملايين سنتيم شهريا، كما يصل سعر تأجير طابق واحد مكون من ثلاث غرف ومطبخ إلى 30 ألف دينار شهريا، مثلما ذكر محدثنا، مشيرا إلى أن السلطات المعنية أبلغت تجار بعض المواد التي لا تتلاءم مع الطبيعة الجديدة للمنطقة قصد تغيير نشاطهم والتفكير في ذلك في انتظار تسليم المشروع نهائيا. وما زاد من ارتفاع سعر العقار، حسب السكان، توفر الأمن بالحي وإنهاء مشكل تسرب مياه الوادي إلى المنازل، مثلما كان يحدث في السنوات الماضية، وهو المشكل الذي تم التخلص منه بفضل أشغال التهيئة التي تشهد تقدما كبيرا، كما يظهر في الميدان، على مستوى وادي الحراش الذي يمتد على طول 67 كلم، توجد 19 كلم منها بالعاصمة، حيث يعمل المجمع الجزائري-الكوري (كوسيدار- دايوو مونستروكشن) بجدية تامة لإنهاء الأشغال في وقتها المحدد، حسبما لاحظناه، على مستوى حي الدهاليز الثلاثة الذي استبشر سكانه خيرا بهذا المشروع، حيث أكد مدير الموارد المائية والري، السيد إسماعيل عميروش، في تصريحات سابقة على أنه سيكون العمود الفقري لعاصمة الغد، الذي يشمل استغلال المساحات المحاذية لضفاف الوادي وتهيئتها وتحويلها إلى فضاءات للتسلية والترويح عن النفس وممارسة الرياضة، فضلا عن طرق خاصة بالدراجات وأخرى للمشاة وملاعب لكرة القدم وأخرى لكرة الطائرة واليد والسلة، إلى جانب مضامير للتنس ومسابح مفتوحة على الهواء الطلق، مما يجعل المناطق والأحياء المحيطة به أكثر جذبا للاهتمام، خاصة أنها تشهد إنجاز مشاريع كبرى موجودة على الحواف، على غرار المسجد الأعظم وملعب براقي الموجود في طور الإنجاز. إلا أن أكبر مشكل يتم التخلص منه هو الروائح الكريهة التي كانت مصدر السمعة السيئة بالنسبة للحراش والبلديات المجاورة لها، والتي مستها الآثار السلبية للوادي ومخاطره منذ سنوات، كون التلوث به بلغ درجة عالية.
مرافق هامة على أنقاض البيوت القصديرية ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن فائدة المشروع سيجنيها أيضا سكان البيوت القصديرية المنتشرة على ضفاف الوادي، الذين سيستفيدون من سكنات جديدة بعد ترحيلهم وتخليصهم من الظروف الصعبة التي عاشوها منذ سنوات، وتحرير العقارات التي تحتضن هذه الأحياء لإنجاز المرافق الضرورية ومباشرة أشغال تهيئة الشطر الثاني للوادي، حيث ينتظر أن يتم إنجاز محلات ذات خدمات متنوعة وفنادق وقاعات للشاي وغيرها من الخدمات التي يطلبها الزبائن، مما سيغير هذه المواقع بصفة كلية سواء بالحراش أو البلديات التي سيشملها المشروع، على غرار منطقة براقي التي تتواصل الأشغال بها على مستوى ورشة بن طلحة التي زرناها في بداية الأسبوع، حيث تجري عملية تنقية الوادي بواسطة الجرافات ومختلف الآليات وإخراج أطنان الطمي من قبل عمال شركة ”كوسيدار” المكلفة بالإنجاز والمنشغلة باستكمال إزالة الأوحال من الوادي لتفادي الفيضان، وإتمام الأشغال التي تشهد تقدما كبيرا حيث أوكلت مهمة إنجازها ل ”كوسيدار” على طول 7 كيلومترات - حدود ال 30 بالمائة، حسبما ذكره لنا ممثل عنها، اعترف بوجود عقبات اعترضت الأشغال التي تم حلها، غير أن البيوت القصديرية المتواجدة على ضفاف الوادي لا تزال قائمة في انتظار إزالتها، منها تلك التي تعيق إتمام المشروع الذي سيغير وجه المنطقة كلها، خصوصا بالنسبة لبراقي التي تعرف عراقيل تنموية كثيرة، إذ سينعكس عليها هذا المشروع إيجابيا وبصفة مباشرة مثلما يأمل سكانها.
مدير الموارد المائية لا يرد للإشارة، اتصلنا مرارا بمدير الموارد المائية والري لولاية الجزائر، السيد إسماعيل عميروش، لمعرفة مدى تقدم أشغال هذا المشروع الهام والعراقيل التي يمكنها أن تعترضها، وكذا مصير السكان القاطنين بالمواقع التي تشملها عملية التهيئة، غير أنه لم يرد على اتصالاتنا المتكررة.