أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، خلال ترؤسه أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد رئاسيات 17 أفريل الماضي، أن الثقة التي جددها له الشعب تمثل تكليفا "نبيلا" و"جسيما"، لم يلق على عاتقه وحده بل كذلك على الذين ستؤول لهم مهمة مساعدته في خدمة الوطن. مجددا تعهده بتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي منحه الشعب على أساسه أغلبية أصواته، داعيا الحكومة إلى إدراج محتواه في خطة عملها. كما أعلن رئيس الجمهورية، أن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والجمعيات ستتلقى في منتصف شهر ماي، اقتراحات التعديل التي خلصت إليها لجنة الخبراء، لتتم بعد ذلك دعوة الأطراف المتحاور معها إلى لقاءات مطلع جوان لعرض ومناقشة آرائها. فبعد أن أعرب عن شكره للناخبين الذين "وسموه بأغلبية أصواتهم الساحقة"، أكد الرئيس بوتفليقة قائلا: "إن الانتخابات الرئاسية لشهر أفريل الماضي، كانت شاهدا على قول الشعب الجزائري الأبيّ كلمته الفاصلة ضد الفوضى والعنف والفتنة، في هبّة وطنية منقطعة النظير، وفي التزام منه بالوقوف سدا منيعا في وجه المغامرة ودعاتها". مشيرا إلى أنه "يحق للمواطنين والمواطنات الاعتزاز المشروع بكونهم باتوا يعيشون في كنف ديمقراطية تعددية فعلية هم حريصون كل الحرص عليها". وأكد رئيس الدولة أنه "سيتعين على السلطات العمومية إجراء سباق حقيقي مع الزمن لصياغة ما يكفل الاستجابة لانتظارات الساكنة ولاسيما فئة الشباب منها، وبناء اقتصاد متنوع وتنافسي ضمانا لنمو أفضل ولديمومة التنمية الوطنية وسياسة العدالة الاجتماعية". وركز رئيس الجمهورية، توجيهاته للحكومة على بعض المسائل التي أكد "صفتها الاستعجالية" وهي "ترقية رشاد الحكم ومكافحة البيروقراطية، وتحسين الخدمة العمومية التي ينبغي أن تتجند لها قطاعات النشاطات برمتها" وكذا "وقاية الأموال العمومية من كل إهدار وتبذير، ومكافحة الفساد وكافة أشكال الإضرار بالاقتصاد الوطني". ومن المسائل الاستعجالية التي ركز عليها الرئيس بوتفليقة، في توجهاته "تعزيز الديمقراطية التشاركية، إلى جانب "الشروع في التقسيم الإقليمي الجديد بإيلاء الأولوية في السنوات الأولى لمناطق الجنوب والهضاب. كما دعا رئيس الجمهورية إلى "التعجيل بتنصيب سلطة ضبط السمعي البصري، وسلطة ضبط الصحافة المكتوبة". وفي الشق الاقتصادي دعا الرئيس بوتفليقة إلى"تسريع مسار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بما تمليه ترقية اقتصاد متنوع وتنافسي، وتنفيذ العقد الوطني والاجتماعي للنمو المبرم في فبراير الماضي"، مشددا في هذا الإطار على "ضرورة الإبقاء على إحداث مناصب الشغل هدفا من الأهداف الأساسية لهذا المسعى". وفي نفس السياق دعا رئيس الجمهورية، إلى" اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية من أجل التحكم في السوق الداخلية وتموينها وضبطها، وكذا التحسب لشهر رمضان المعظم والفترة الصيفية". واستطرد رئيس الدولة، بشأن تعديل الدستور قائلا: "لقد كلفت السيد وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، بإدارة كامل العملية المذكورة أعلاه تحت إشرافي"، مبرزا أن هذه الاتصالات والاستشارات ستتم في"كنف الشفافية حتى يتسنى للرأي العام متابعة مجرياتها". وتابع الرئيس بوتفليقة، موضحا أنه "لما يتم الفراغ من هذه المشاورات سيصاغ مشروع موحد لمراجعة الدستور يأخذ في الحسبان آراء الشركاء في هذا الحوار واقتراحاتهم، وحينئذ سيخضع النص للإجراء المتعلق بمراجعة الدستور على أساس المادة 174 أو المادة 176 من الدستور الحالي". وبخصوص أهمية التعديل الدستوري، أكد رئيس الدولة بأن "مراجعة الدستور محطة هامة في حياة الأمة. وهي تستحق، من ثمة، مشاركة كافة الفاعلين السياسيين في كنف احترام الاختلافات وحتى الخلافات من حيث هي أمر مقبول في بلادنا التي تفتخر بالمستوى الذي بلغته بعد تعدديتها الديمقراطية". وأضاف "ومن هذا المنطلق أغتنم هذه المناسبة لأجدد ندائي إلى الشخصيات والأحزاب السياسية، والمنظمات من أجل أن تسهم في الورشة ذات البعد الوطني، هذه التي أرجو أن تفضي إلى مراجعة توافقية للدستور". وشدد رئيس الجمهورية، في هذا الشأن قائلا "انطلاقا من تمسكي بفضائل الديمقراطية التشاركية، ورغبة منّي في تدعيم وفاقنا الوطني صرحت بمناسبة تنصيبي رئيسا للجمهورية، بأنني سأعيد فتح ورشة التحضير لمراجعة توافقية للدستور، وقلت إنه ستتم مجددا دعوة القوى السياسية وأبرز ممثلي المجتمع والشخصيات الوطنية، إلى المشاركة في هذا المسعى البالغ الأهمية". وشدد الرئيس بوتفليقة، أنه "لم يتم فرض أي قيد مسبق على هذه الهيئة، اللهم إلا ما تعلق بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ التي يقوم عليها مجتمعنا".