الاحتلال الصهيوني لفلسطين، بدأ بالتحرشات بالسكان وارتكاب المجازر في حقهم لإبعادهم عن قراهم ومدنهم على مرأى ومسمع من سلطات الانتداب البريطاني وبتواطؤ منها. وجاء قرار التقسيم بعد انتفاضة السكان ومقاومتهم للعصابات الصهيونية التي كانت تتفنن في قتل الفلسطينيين وتهديم بيوتهم، فنظمت الاعتصامات والإضرابات التي دام بعضها نصف سنة كاملة، زيادة على مقاطعة البضائع البريطانية. كما عقدت المؤتمرات العربية والإسلامية لمواجهة الغطرسة الصهيونية، وذلك قبل النكبة بحوالي 20 سنة، حيث دعي الفلسطينيون والعرب إلى مفاوضات داخل فلسطين وخارجها برعاية بريطانيا انتهت إلى قرار التقسيم بعد أن ظهرت استحالة توطين اليهود، وجاءت بعدها حملات تهجير اليهود إلى فلسطين من أجل قلب المعادلة الديموغرافية إلى أن كان ماكان، وتسلّمت أمريكا قضية الصراع العربي- الإسرائيلي. نفس السيناريو ولكن بعنوان آخر تحول من التقسيم الذي جاء بالمفاوضات إلى التهويد الذي تجري المفاوضات منذ ” أوسلو” إلى تكريسه وبنفس الطرق التي لم تختلف فيها إلا الأدوات والرعاية. هذا هو حال القضية الفلسطينية كما وثّقتها التقارير والأشرطة الوثائقية الشاهدة على انتزاع شعب من أرضه، وها هي اليوم، دولته تجرّد من هويتها العربية - الإسلامية - المسيحية أو تكاد، وها هم الصهاينة يهوّدون كل الأرض، بل كل المقدسات المسيحية منها والإسلامية وعلى رأسها الأقصى الشريف. والأخطر من ذلك أن شعارهم في المفاوضات المتوقفة حاليا لم يعد الاستيطان هو من يعرقلها، بل الاعتراف بيهودية إسرائيل أصبح الشرط الأساسي لإحيائها. فهل هو التاريخ يعيد نفسه؟!