في الذكرى الثالثة والستين لتقسيم فلسطين يستوقفنا التاريخ في إحدى محطاته ليؤكد لنا بأن كل ما يجري اليوم في فلسطينالمحتلة هو تطبيق لما خطط له قبل التقسيم ومن خلال قرار التقسيم الذي اعتمدته الهيئة الأممية في29 نوفمبر .1947 فقد كان هناك تواطؤ صارخ للدول الكبرى آنذاك لإيجاد وطن بديل لليهود واقتطع من وطن الفلسطينيين، بل رسخ احتلالا لأرض فلسطين لا يزال إلى الآن. إن مأساة الفلسطينيين بدأت بالتقسيم ومرت بالتشريد لتصل إلى التهويد، ورغم القرارات الأممية فإن القضية الفلسطينية لم تخط قيد أنملة نحو الحل، بل ازدادت تعقيداته بسبب الغطرسة الصهيونية ولهث العرب وراء السلام الوهم الذي وعدهم به قادة تل أبيب. ولعل أهم خطر يداهم الفلسطينيين بعد الاحتلال والتشريد طبعا، هو تهويد كل ما له صلة بالفلسطينيين من هوية ومقدسات سواء كانت إسلامية أو مسيحية. وفي مقدمة ذلك مشروع الاستيطان الذي يشكل عقبة رئيسية أمام أية محاولة للسلام وتتمسك به الإدارة الإسرائيلية كخيار استراتيجي لا يمكن التنازل عنه. وأمام هذا الوضع، فإن الفلسطينيين خاصة والعرب عموما عليهم بدل الخضوع للأمر الواقع، أن يكيفوا موقفهم من القضية مع المعطيات الجديدة، وألا يجعلوا من مفاوضات السلام والتطبيع غاية في حد ذاتها، لأن إسرائيل ستطالبهم بالمزيد من التنازلات إن هم تمسكوا بالسلام الوهم وتخلوا عن القضية.