استقطب الصالون الدولي ال15 للسياحة والأسفار الذي تتواصل فعالياته بقصر المعارض الصنوبر البحري، اهتمام الزوار وعدد كبير من العائلات العاصمية الراغبة في التقرب من وكالات السياحة والسفر ومختلف المتعاملين، لمعرفة العروض المقدمة لقضاء عطلة مريحة داخل الوطن، أو السفر إلى الخارج والاستفادة من الامتيازات المقدمة خلال العطلة وموسم الاصطياف الذي سيفتتح في الأيام القليلة المقبلة، حيث لا تزال تونس الوجهة المفضلة لقربها وقلة تكاليفها، بينما دخلت إسبانيا والأردن السباق إلى جانب تركيا التي استقطبت اهتمام الجزائريين في السنوات الأخيرة. لم يفوت الكثير من الذين زاروا الصالون الدولي للسياحة والأسفار نهاية الأسبوع الماضي، فرصة التقرب من العارضين لمعرفة منتجوهم السياحي والمواقع التي يمكنهم زيارتها والتمتع بمناظرها في راحة وبأقل التكاليف، سواء تعلق الأمر بالسياحة الداخلية أو الخارجية التي مثلها الكثير من العارضين الأجانب، مثلما لاحظنا خلال زيارتنا لمختلف الأجنحة المقامة بقصر المعارض، التي شهدت إقبال الكثير من العائلات.
توفير الإيواء مطلب الباحثين عن تشجيع السياحة الداخلية وقد ذكرت لنا احدى السيدات التقيناها رفقة بناتها الثلاث كانت تستفسر عن العروض التي تقدمها وكالة للسفر والسياحة من المغرب، أنها تحبذ قضاء عطلتها الصيفية داخل الوطن الذي يزخر بمناظر خلابة، لكن قلة الفنادق التي وجدتها محجوزة كلها السنة الماضية بإحدى المدن الساحلية جعلتها تفكر في زيارة بلد أجنبي وتجرب حظها هذه السنة، خاصة أن الصالون الذي تتواجد به الكثير من الوكالات الأجنبية تزامن مع اقتراب العطلة الصيفية، وهي الفرصة التي استغلها بعض الشباب الذين قرروا، حسبما صرحوا ل«المساء» قضاء عطلتهم بإحدى الولايات الساحلية، لأنه لا يوجد -حسبهم- فرق بين ما تتمتع به الجزائر والبلدان الأخرى من مناظر، باستثناء الراحة وحسن الاستقبال الذي توفره الفنادق الأجنبية عكس ما هو موجود عندنا، حيث أصبحت الخدمات الرديئة ميزة الهياكل السياحية الجزائرية، وهو ما اتفق عليه الكثير ممن تحدثنا إليهم بالجناح المركزي الذي يحتضن الصالون، من بينهم رب عائلة جاء رفقة زوجته وأبنائه لأخذ فكرة عن المكان الذي يقضي فيه العطلة هذه السنة، حيث رد على سؤالنا له عن وجهته خلال موسم الاصطياف أنه لم يختر بعد أية وجهة لكن أكد أنها «ستكون داخل الوطن... حتى لا نزيد الماء للبحر»، كون البلدان الأجنبية تكسب الكثير من قطاع السياحة عكس الجزائر التي تعتمد مداخلها على البترول في انتظار النهوض بهذا القطاع الذي يمكن الارتقاء به مثلما أكد الكثير من الزوار والمهتمين بالقطاع ل«المساء».
الشركات السياحية بالعاصمة تنوع منتوجاتها من جهتهم استغل الناشطون في مجال السياحة والسفر بالعاصمة، فرصة الصالون لعرض منتوجهم على الزوار، على غرار وكالة بكة للسفر ببابا أحسن، التي تسعى مثلما أكد صاحبها ل«المساء» لخدمة الزبائن وتوفير الشروط الملائمة للسفر ولجميع الفئات، مشيرا إلى أن تركيا لا تزال الوجهة التي يطلبها الكثير من الزبائن، نظرا للخدمات التي توفرها ونوعية الفنادق والمرافق والمعالم التاريخية وتوفر الأمن، في حين تراجعت -حسب المتحدث- الطلبات على مصر والمغرب، بينما لا تزال تونس مطلوبة بكثرة من قبل العائلات نظرا لقربها وتحسن الظروف الأمنية التي مرت بها، وهو ما سعى جناح الخطوط التونسية لتوضيحه للزوار وإبراز بعض اللوحات الفنية من التراث الثقافي التونسي من موسيقى محلية ورقص شعبي، وهي الفنون والطبوع التي تتميز بها الوجهة السياحية الجزائرية التي يفضلها الكثير من الزبائن حسب صاحب وكالة بكة للأسفار، خاصة المناطق الساحلية والمناطق الجبلية بتيزي وزو والشفة في البليدة وكذلك القالة، غير أن عدم توفر المرافق الضرورية منها الفنادق وتدني الخدمات وارتفاع الأسعار التي لا تتلاءم مع فئة كبيرة منهم، جعلهم يسافرون للخارج في انتظار تطور الخدمات الذي يجعلهم يقضون العطلة بالمناطق المتنوعة ببلادنا التي تجد فيها العائلات راحتها، خاصة أن الإمكانيات الطبيعية متوفرة. كما أن الوكالات تقترح تخفيضات على الزبائن، منهم العائلات التي تفضل قضاء ولو أسبوع واحد في مكان مريح هروبا من ضغط العمل ونقص المرافق بالأحياء خاصة الهياكل الرياضية التي يطلبها الشباب بكثرة في العطل.
وكالات تستغل تقنيات الجيل الثالث للنقال في عملية الحجز وفي هذا الصدد دعا المتحدث مديريات السياحة، التجارة ومصالح الغابات وجميع المعنيين إلى لتنظيم لقاء مع الوكالات السياحية وإعطائها فرصة لطرح الانشغالات والنقائص لتحسين الوجهة السياحية الجزائرية، وهو ما تسعى لتحقيقه «وكالة نوبا للسياحة والأسفار بالرويبة»، من خلال إدخال التكنولوجيات الحديثة في الحجز واقتناء التذاكر، حيث تحضر مثلما ذكر لنا ممثلها، لإطلاق خدمة اقتناء تذاكر السفر والحجز الإلكتروني عن طريق الأنترنت التي تعتبر جديدة بالعاصمة، وهي أول وكالة تدخل هذه الخدمة التي تمكن من بيع التذاكر مباشرة باستعمال الهاتف النقال لتسهيل سفر المواطنين وكذلك اقتناء تذكرة والحجز للسفر عبر القطار بنفس الطريقة، وذلك من العاصمة إلى وهران، قسنطينة وعنابة والتي تعد تجربة أولى من نوعها تتم حاليا بين الوكالات السياحية ثم بين الوكالة والزبون مباشرة، من خلال استعمال الجيل الثالث للهاتف النقال، أما بخصوص الوجهات فتنظم الوكالة رحلات إلى تونس التي لا تزال مطلوبة كثيرا من قبل العائلات التي بإمكانها السفر لهذا البلد المجاور وبأقل تكلفة من البلدان الأجنبية الأخرى، حيث خفضت الوكالة الأسعار الخاصة بالسفر لهذا البلد الذي يستقطب اهتمام الكثيرين إلى جانب تركيا التي حجز الكثير من أجل زيارتها والمغرب، دبي، ماليزيا، تايلاندا، سنغافورة، اليونان، بينما تعد الأردن من الوجهات الجديدة المطلوبة هذا العام، حيث هناك من يحب معرفة هذا البلد وزيارته، بينما تبقى الوجهة الخارجية -حسب المتحدث- حبيسة عراقيل بيروقراطية ووجود أشخاص لا علاقة لهم بميدان السياحة، منها صعوبة الحصول على التأشيرة الذي يقف عائقا أمام قدوم أجانب يرغبون في زيارة بعض المواقع، من خلال «وكالة نوبا» التي تقوم بكل الإجراءات «لكن صعوبة الحصول على التأشيرة يحول دون ذلك»، رغم أن قلة السياح في بعض المواقع بالجزائر يشجع الأجانب الذين لا يحبذون الأماكن التي تكثر فيها الحركة، حيث زاروا العديد من البلدان ويرغبون في زيارة الجزائر.
”الجوية الجزائرية” تخفض الأسعار ب65 بالمائة من جهتها أوضحت مسؤولة الاتصال بالخطوط الجوية الجزائرية مونية برتوش ل«المساء»، أن الشركة تقوم بتخفيضات معتبرة انتقلت من 50بالمائة السنة الماضية إلى 65 بالمائة هذه السنة لكل الوجهات. كما يحصل زبائن الشركة على عدة امتيازات منها إمكانية تغيير تاريخ الرحلة دون أي مشكل، كما تم تخصيص ثلاث طائرات لفصل الصيف للاستجابة للتوافد الكبير للمواطنين الذين لا يزالون يفضلون السفر إلى تونس. كما أصبحت إسبانيا في السنوات الثلاث الأخيرة مطلوبة بكثرة، خاصة منها مدن أليكانت وكذا بالما وبرشلونة اللتين تم حجز كل الأماكن المخصصة لهما، وكذلك البرتغال الذي بدأ الكثير من زبائن الشركة يقبلون على زيارته إلى جانب نيس الفرنسية، مرجعة الإقبال على الوجهات الخارجية إلى ارتفاع الأسعار بالفنادق على المستوى الوطني، حيث يكلف قضاء ليلة في فندق هيلتون مثلا 48 ألف دينار بينما لا يكلف أسبوع في تونس الكثير مقابل خدمات نوعية، ولهذا فإن الصالون جاء -حسب المتحدثة- في الوقت المناسب ليعرف بالوجهات ويشجع الجزائري على اختيار الأفضل، ولعل ذلك ما يحاول القائمون على فندق الهيلتون تجسيده من خلال تخفيضات خاصة بموسم الاصطياف وشهر رمضان، كما تم حسب ممثلته في الصالون، فتح المسبح وخيمة رمضان لتحسين الخدمة وجلب الزبائن.
فدرالية جمعيات الوكالات السياحة تقدم اقتراحاتها بدوره أشار الأمين العام للفدرالية الوطنية لجمعيات وكالات السياحة والسفر، السيد نجاح بوجلوة ل«المساء»، إلى العراقيل التي تحول دون تطوير السياحة في الجزائر، حيث أن أغلبية الوكالات السياحية تروج للمنتوج السياحي الخارجي وتهتم بالجانب التجاري، عكس الفدرالية التي تهتم بالسياحة الداخلية وتصدير المنتوج السياحي الوطني، موضحا أن الفدرالية غير راضية عن الصالون سواء من ناحية التنظيم أو المشاركين الذين أكثرهم من الوكالات السياحية والفنادق الأجنبية، الذين تعطى لهم الفرصة بأقل ثمن للترويج لمنتوجهم والتسويق له في الجزائر، فمعرض السياحة والأسفار- حسب المتحدث- يجب أن ينظم من طرف المهنيين الذين هم على دراية بمستوى العارضين وما يقدمونه للسياحة، بينما تتدخل الإدارة فقط لتخصيص المساحة للعارضين، لأن تنظيم هذه التظاهرة دون إشراك أهل الميدان لا يخدم القطاع، ويرى السيد بوجلوة أنه يفترض أن يقوم المنتخبون المحليون بدورهم لخدمة السياحة، منهم رؤساء البلديات ورؤساء الدوائر والولاة، كل واحد في مستواه لتحسين الاستقبال وتوفير النظافة ونوعية الخدمات، داعيا الوزيرة الجديدة للتحاور وعقد لقاء مع المهنيين والتواصل بينها وبين الوكالات السياحية «لعرض اقتراحاتنا التي تخدم القطاع» والترويج للمنتوج السياحي الجزائري وإشراك كل القطاعات المساهمة في السياحة منها النقل، البيئة والصحة.