ثمّن نواب المجلس الشعبي الوطني، الاقتراحات التي تضمنتها مسودة تعديل الدستور في شقها المتعلق بالعمل البرلماني، خاصة ما تعلق بإعادة الاعتبار للبرلمان بتكريس صلاحيته الحقيقية وتمكينه من أداء دوره الرقابي ومراقبة العمل الحكومي، معبّرين عن أملهم في أن تتضمن هذه الاقتراحات أيضا منح البرلمان صلاحية تقييم السياسات العامة، لتجسيد إصلاحات حقيقية في مجال الممارسة السياسية والديمقراطية. في حين اختلفت أراء النواب فيما يخص منع التجوال السياسي بين مؤيد ومعارض. وأفادت السيدة وريدة العرفي، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أن مسودة تعديل الدستور التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، نهاية الأسبوع الماضي، تترجم وجود إرادة قوية لإقامة إصلاحات عميقة تكرس الممارسة السياسية الحقيقية. وذكرت السيدة العرفي في تصريح ل"المساء" بأن هذه الاقتراحات عند تجسيدها ستمكن البرلمان من أداء دوره الحقيقي المتمثل في الرقابة كما هو معمول به في الدول المتقدمة. وفي هذا السياق أكدت محدثتنا أنها تأمل في أن تضاف إلى صلاحيات مراقبة أداء الجهاز التنفيذي صلاحية تقييم السياسات العامة، وكذا مراقبة الميزانية التي ترصدها الدولة لمختلف القطاعات، وهو الاقتراح الذي شاطرها فيه النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني نور الدين السد، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس البرلمان العربي، حيث قال في تصريح ل"المساء"، أن البرلمان هو من يصادق على قانون المالية والميزانية، وبالتالي يجب أن تمنح له صلاحية مراقبة كيفية إنفاق هذا المال العام حتى لا يوجه إلى وجهة غير وجهته في خطوة لمحاربة الفساد واختلاس المال العام، ومتابعة مدى تقدم المشاريع التنموية. كما رحب البرلمانيان بما تضمنته مسودة تعديل الدستور في مجال منح البرلمان صلاحية اقتراح مشاريع القوانين حتى ولو كان مجال هذه المشاريع محدودا ومقيدا بمجالات معينة كالتقسيم الإداري وغيره. أما فيما يخص التجوال السياسي الذي نص الاقتراح على منعه فاختلفت أراء نواب الغرفة السفلى بين مؤيد ومعارض لهذا الاقتراح، حيث ثمّنت النائب العرفي هذا الاقتراح، مشيرة إلى أن الهدف منه تجسيد الانضباط في الممارسة السياسية واحترام صوت الناخبين بعدما أصبحت هذه الظاهرة "موضة" في السنوات الأخيرة، يلجأ إليها بعض المنتخبين المنخرطين في أحزاب سياسية صغيرة، حيث يغادرونها ويلتحقون بأحزاب الأغلبية. ودعت السيدة العرفي، المشاركين في صياغة الوثيقة النهائية للدستور إلى الإبقاء على هذا المنع للقضاء نهائيا على ظاهرة التجوال السياسي التي تسيء للممارسة السياسية في بلادنا، في الوقت الذي هي بحاجة إلى تقوية قاعدتها السياسية لبناء دولة قوية تستمد قوتها من طبقتها السياسية. ولم يشاطرها النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، الرأي في هذه النقطة إذ يرى أن قيام منتخب معين بتغيير حزبه "ليس مشكلا" إذا كان الحزب الذي انتخب ضمن قائمته لا يسمح له بالتعبير عن أفكاره، ويضيّق على برنامجه ولا يمكنه من التقدم في مشواره السياسي، شريطة أن يكون مقتنعا أيديولوجيا بأفكار وبرنامج الحزب الذي يلتحق به، وأن يواصل الدفاع عن انشغالات المواطنين الذين انتخبوه. أما فيما يخص قرار إجبارية حضور جلسات مناقشة مشاريع القوانين بعد الإفراط في الغيابات في العهدات البرلمانية الأخيرة، رحبت مجموعة من النواب بهذا القرار الذي يعد التزاما بالمهام التي انتخب النواب من أجلها، مشيرين إلى أن إجبارية الحضور ستحافظ على الانضباط وتعطي للمشاريع المصادق عليها مصداقية احتراما للديمقراطية، واحتراما للمواطن الذي وضع ثقته في هؤلاء النواب لتمثيله. ونفس الشيء بالنسبة لمنع البرلمانيين من ممارسة مهام أخرى خلال عهدتهم البرلمانية، حيث أيدت مجموعة من النواب الذين تحدثنا إليهم هذا القرار الذي سيدعم القانون العضوي المتعلق بحالات التنافي مع العهدة البرلمانية الذي صادق عليه البرلمان في 2012، ملحين على أن منع النائب من ممارسة نشاط آخر سيجعله متفرغا لمهامه البرلمانية. وفيما يخص إجبار المنتخبين على التصريح بممتلكاتهم قبل وبعد عهدتهم الانتخابية، أكد النائب نور الدين السد، أن إدراج هذا القرار الذي كان موجودا في قانون الانتخابات، في الدستور سيسهم في محاربة الفساد وتهريب الأموال، ويبين نزاهة المسؤول من عدمها.