أقرت مسودة تعديل الدستور47 مادة دستورية جديدة تمحورت أساسا في تحديد الفترة الرئاسية في ولايتين، وتوسيع صلاحيات رئيس الوزراء، مع منح المعارضة الحق في فتح نقاشات في البرلمان، فضلا عن ضمانات للحريات الفردية وإجراءات لمكافحة الفساد. وتصدرت المواد 81 مكرر و85 قائمة أهم التعديلات كونها ترفع الحرج على بوتفليقة حيث تخوّله إمكانية أن يفوض صلاحياته التنظيمية للوزير الأول وتمنح للأخير صلاحيات التوقيع على مراسيم تنفيذية أو الإنابة عن الرئيس في عدد من المهام محددة في الدستور، ما يكشف أن المشرع ليس في حاجة لاستحداث منصب نائب الرئيس، الذي صنع الجدل في الفترة الأخيرة. وشددت تعديلات المسودة على الصرامة في مراقبة أملاك البرلمانيين وحرب على المرتشين، لدفع جهود القضاء على الفساد والرشوة واستعمال النفوذ والمنصب لتحقيق الثروة، حيث تمنح المسودة للدولة الحق بمصادرة أي ملك يتم الحصول عليه عن طريق الرشوة مهما كانت طبيعته، بقوة القانون، كما تمنع تحويل الوظيفة في الدولة إلى مصدر للثراء أو خدمة المصالح الشخصية. وفيما يخص الحريات العامة وتلك المتعلقة بالعمل الصحفي وحرية التجمع والتظاهر، أقرت المسودة في المادة 41 إلغاء الرقابة على الصحف وحظر المساس بكرامة أو حرية الآخرين وحماية حرية التظاهر والتجمع السلمي، فيما تقترح المادة 48 من الدستور منع التوقيف للنظر في مراكز الأمن لمدة لن تتجاوز 48 ساعة مع تمكين الموقوفين من الاتصال فورا بعائلاتهم بمجرد الاعتقال، مع منع توقيف أو اعتقال أحد في أماكن غير محددة قانونا، كتدبير جديد. واسترجع البرلمان بموجب المسودة الجديدة دوره الرقابي بموجب المادة 99 التي تفيد أن كل غرفة برلمانية يمكنها تكريس يوم واحد في الشهر لمناقشة جدول أعمال كتلة برلمانية معينة، وأقرت مسودة الدستور جملة من المواد الجديدة التي تدخل تعديلات على سير البرلمان بغرفيته، منها رفع عهدة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري إلى 8 سنوات كاملة وإخطار المجلس الدستوري متاح لكل 70 نائبا أو 40 عضو مجلس الأمة، فيما تلزم مواد الدستور الحكومة بالرد على أسئلة النواب في أجل لا يتعدى 20 يوما وتلزم المجلس الدستوري بالرد على النواب في أجل لا يتعدى 30 . أما ما تعلق بعمل القضاة وجهاز العدالة تبرز المادة 148 التي تمنح للقاضي حق إخطار المجلس الأعلى للقضاء في حال تعرض لضغوطات أو تدخلات ومناورات بالشكل الذي يعرقل أداء مهامه مثلما يمليه القانون والضمير، ما يعني أن الدستور يعطي حماية أوفر للقاضي بتمكينه من آلية الإخطار. منع التجوال السياسي في البرلمان ويمنع نص المقترحات تغيير الانتماء السياسي للمنتخبين في البرلمان لتكريس احترام "العقد المعنوي" لممثلي الشعب في هذه الهيئة البرلمانية. وجاء في عرض عام حول اقتراحات التعديل انه "لتعزيز مصداقية البرلمانيين ومشروعيتهم" يسعى التعديل إلى "منع تغيير الانتماء السياسي أثناء العهدة مع الحفاظ على طابعها الوطني حرصا على احترام العقد المعنوي الذي يربط المنتخب بمنتخبيه". وللإشارة فإن ما يسمى من طرف بعض الأحزاب "ظاهرة التجوال السياسي" أي تغيير نواب المجلس الشعبي الوطني خاصة انتماءهم السياسي الذي انتخبوا باسمه استفحل في العهدتين البرلمانيتين الأخيرتين. وكانت بعض الأحزاب السياسية على رأسها حزب العمال قد طالبت في العديد من المرات إقرار منع ذلك عن طريق التشريع وطالبت بسحب العهدة البرلمانية من المنتخب الذي يغير انتماءه السياسي. ومن جهة أخرى، يفرض التعديل المقترح حضور المنتخبين "الفعلي" لأشغال البرلمان وسيكون ذلك استجابة للدعوات المتكررة لوضع حد لهذه الظاهرة بعد تسجيل غياب عدد كبير من النواب عن الجلسات العامة للمجلس الشعبي الوطني. ووجهت الدعوات للمشاركة في هذا التشاور الوطني الواسع إلى 150 جهة وتتمثل في 36 شخصية وطنية و64 حزبا معتمدا ورئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة ورئيس المجموعة البرلمانية للأحرار بالمجلس الشعبي الوطني، فضلا عن 10 منظمات وطنية و27 جمعية وطنية تمثل حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحفيين والقطاع الاقتصادي والشباب والطلبة وكذا 12 أستاذا جامعيا تمت دعوتهم بالنظر إلى كفاءاتهم.