طالبت جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر بإدراج التأمين الاجتماعي الشامل لمرضى السكري، خاصة منهم الأطفال الذين يمثلون نسبة 8 بالمائة من مجموع المصابين بهذا الداء في الوطن. كما طالبت الجمعية بتعميم استعمال مضخة الأنسولين بالنسبة للأطفال لما لها من ميزة إيجابية تتمثل في جعل الطفل المريض مستقلا ومعتمدا على نفسه، في الوقت الذي ثمنت الدكتورة زكية عربوش، المختصة في أمراض السكري، جلسات التربية العلاجية الموجهة للأطفال تحديدا، داعية إلى توعية مكثفة للأسر حول السكري. يقال بأن الصحة نعمة لا بد من الحفاظ عليها، إذ لا قيمة للحياة إذا غابت الصحة. وفي الحياة المعاصرة تظهر العديد من المغريات والمؤثرات التي تؤثر بشكل كبير على الصحة، ويعد الأطفال الحلقة الأضعف في معادلة الحفاظ عليها، إذ تتحدث الدكتورة زكية عربوش المختصة في أمراض السكري ل«المساء»، عن ارتفاع معدلات استهلاك السكريات ومنها الحلويات والشكولاطة، ناهيك عن البطاطا المملحة (الشيبس)، إلى جانب المشروبات الغازية، كلها منتوجات تحفز الإصابة بالسكري، خاصة مع تناقص الاهتمام بالنشاط الرياضي حتى وسط الأطفال والمراهقين. «وهي نفس العوامل التي أدت إلى ارتفاع نسبة البدانة عند الأطفال، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنها تمثل بين 8 و12 بالمائة بالنسبة للأطفال الأقل من 17 سنة»، تقول المختصة، معتبرة هذا مؤشر خطير له انعكاسات سلبية على الصحة العمومية. تعتبر الدكتورة عربوش، وهي رئيسة الجمعية الجزائرية لدراسة أمراض السكري، أن التربية العلاجية تبقى الحل الأمثل للوصول إلى تعايش المريض مع مرضه، فكلما بدأت هذه التربية بالنسبة للمريض مبكرا كلما مكنته من فهم مرضه وتقبله والتأقلم معه بشكل أحسن، بالتالي يتم تسطير نمط معيشي أحسن، مما يجعل المريض فاعلا في مجتمعه، إذ تؤكد المختصة أنها لمست رفضا كبيرا من قبل الأطفال المرضى لطبيعة مرضهم، كما ترفض الأسرة بدورها إصابة طفلها بالسكري، مما لا يساعد الطفل المريض في بدايات العلاج، حيث تقول: «أتأسف حقيقة لرفض العديد من الأسر تقبل حقيقة إصابة طفلها بالسكري، وفي مصلحتي، لأمراض السكر بالمستشفى الجامعي لتيزي وزو، سجلت حالات انهيار لبعض الأمهات بعد اطلاعهن على حقيقة مرض أبنائهن، لذلك أشدد على أهمية حضور الآباء رفقة أبنائهم المرضى في حصص التربية العلاجية». ويعتمد أسلوب التربية العلاجية للأطفال المرضى بالسكري، على توعيتهم بأن هذا المرض لا يعد أمرا معقدا، «لدينا حصة تربوية بالمصلحة في كل أسبوع، إذ تضم الحصة حوالي 10 أطفال، ونقوم فور الانتهاء من تثقيفهم بشأن المرض بتدريبهم عمليا وبشكل منفرد وسريع على كيفية حساب جرعات الأنسولين الصحيحة، ومواعيد تناول الأدوية والحقن على كلا جانبي الجسم الأيمن والأيسر. وهنا أشير إلى أن بعض الأطفال المرضى يتخوفون في البداية من حقن أنفسهم، فهم لم يتعودوا على ذلك، لكن عندما يرون غيرهم من الأطفال يقومون بذلك بأنفسهم، سرعان ما يصرون على أن يفعلوا مثلهم، ولعل هذا أهم هدف لدينا في دورات التربية العلاجية، إذ يمثل العلاج الجماعي حافزا كبيرا للأطفال المرضى الذين يعانون من الإصابة بالمرض نفسه لتقبله، بالتالي التعايش معه». كما تشير المختصة التي التقتها «المساء» على هامش يوم تحسيسي نظمته جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر مؤخرا، إلى أن السياسة العلاجية اليوم الموجهة لمرضى السكري، خاصة منهم الأطفال، تقوم أساسا على العلاج الجماعي الذي له آثار إيجابية جدا «من المهم جدا معاملة الطفل المريض بالسكري بشكل طبيعي، وهذه رسالة موجهة للآباء بوجه خاص، ونقترح على شركائنا من مؤسسات المجتمع المدني تنظيم أيام تحسيسية لفائدة هذه الأسر، لأن عملية التثقيف بطبيعة مرض السكري وكيفية التعامل معه ليست خاصة فقط بالمريض، إنما بكافة أفراد الأسرة»، تضيف المختصة. من جهتها، طالبت جمعية مرضى السكري على لسان رئيسها، فيصل أوحدة، توفير مضخة الأنسولين، وبشكل خاص للأطفال المرضى، لجعلهم أكثر استقلالية، يقول: «نعلم أن الأسرة التي لديها طفل مصاب بالسكري تتغير حياتها رأسا على عقب، حيث تضطر الأم إلى معاينة طفلها المريض وهو في حصته الدراسية لمراقبة نسبة السكري لديه، والتأكد من أنه تناول وجبة خفيفة أو غير ذلك، وبالنظر إلى كل هذا التشويش، فإن مضخة الأنسولين تأتي كحل ناجع وفعال لكل تلك المخاوف، كونها تتيح لمرضى السكري، وخاصة الأطفال، تنظيم معدلات الأنسولين التي يستقبلها الجسم بشكل محدد للغاية، حيث تتشابه التقنية التي تعمل بها مضخة الأنسولين، مع عملية إفراز الأنسولين الطبيعية في الجسم أكثر من جميع طرق العلاج الأخرى، مما يجعل المريض أكثر استقلالية واعتمادا على النفس». ويضيف المتحدث أن الجمعية تطالب وزارة التشغيل والضمان الاجتماعي بالتعجيل بتوفير هذه المضخة وتعويضها 100 بالمائة بالنظر إلى مزاياها الكثيرة. من جهة أخرى، تحدث أوحدة عن إشكالية افتقاد ربع الأطفال المصابين بالسكري للتأمين الاجتماعي، والسبب يعود إلى افتقاد ذويهم للتغطية الاجتماعية لأسباب متعددة، أهمها الديون المتراكمة على آبائهم في سياق ممارستهم لأنشطة تجارية حرة في أوقات سابقة، وعلق هنا بقوله: «المريض بالسكري يعيش ضغطا بسبب ثقل مرضه والمضاعفات الناجمة عنه ومن حقه الحصول على علاجه مجانا بصفة كلية، ولا أعتقد أنه من العدل معاقبة طفل مريض بسبب خطأ ارتكبه والده». والجدير بالإشارة إلى أن الجزائر تسجل سنويا معدل إصابة بالسكري يصل إلى 15 ألف حالة إصابة جديدة، وتشير إحصائيات جمعية مرضى السكري للعاصمة، إلى أن الجزائر تحصي أكثر من 3.5 ملايين مريض بهذا الداء، يشكل الأطفال ربع هذا الرقم.