اعتبر رئيس حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية، مبروك ساسي، أمس، خلال استقباله من قبل أحمد أويحيى في إطار اليوم الرابع من المشاورات حول تعديل الدستور، نظام الحكم شبه رئاسي، الأصلح في الوقت الراهن بالنسبة للجزائر، بينما اقترح الحزب الوطني للتضامن والتنمية انتخاب رئيس المجلس الدستوري من طرف القضاة بدل تعيينه من قبل رئيس الجمهورية، فيما سجل حزب الجبهة الوطنية للعدالة والتنمية تحفظه إزاء إدراج المصالحة الوطنية ضمن الثوابت الوطنية، حتى لا تشمل فئات لا تستحق الاستفادة من العفو. وأكد رئيس الحزب الوطني للتضامن والتنمية، محمد الشريف طالب، في تصريح للصحافة عقب اللقاء الذي جمعه مع وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، في إطار المشاورات حول تعديل الدستور، أن تشكيلته السياسية تقترح أن يتم انتخاب رئيس المجلس الدستوري من طرف قضاة المحكمة العليا بدل تعيينه من قبل رئيس الجمهورية. وأضاف أن مجمل الاقتراحات التي تقدم بها حزبه تركزت حول ضرورة تعزيز الحريات الفردية والجماعية والدفاع عن حقوق الإنسان والفصل بين السلطات. وتساءل ذات المسؤول لدى تطرقه للمجلس الأعلى للقضاء عن سبب تواجد وزير العدل ضمن هذه الهيئة، مؤكدا بأن حزبه "لا يمانع في أن يبقى رئيس الجمهورية القاضي الأول للبلاد باعتباره منتخبا ويتمتع بالشرعية الشعبية"، واقترح في هذا الإطار أن يتم انتخاب نائب رئيس المجلس الاعلى للقضاء من قبل القضاة أنفسهم بدل أن يتولى المنصب وزير العدل، معتبرا أن ذلك "لا يخدم مبدأ استقلالية القضاء وحماية القاضي". كما أوضح المتحدث بأنه تطرق مع السيد أويحيى إلى العديد من القضايا الهامة، وقدم في إطارها رؤية مستقبلية للوضع الراهن، بما في ذلك الوصول تدريجيا إلى دستور توافقي يجمع أكبر عدد من القوى الحية في البلاد، مشيرا إلى أن من بين المقترحات الأخرى التي تقدم بها الحزب "تعزيز دور المعارضة حتى يتسنى تجذير أسس الديمقراطية الحقيقية في البلاد، مع ضرورة تحلي هذه المعارضة بروح المسؤولية العالية كون مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار". من جهته، سجل حزب الجبهة الوطنية للعدالة والتنمية تحفظه إزاء إدراج المصالحة الوطنية ضمن الثوابت الوطنية في الدستور، وأوضح رئيسه خالد بونجمة أن تحفظ حزبه على ذلك تمليه "خشيته من أن تتوسع وتشمل فئات لا تستحق الاستفادة من العفو" وطالب المتحدث بتوسيع "مجال المادة 74 في تحديد العهدات بشكل عام لتشمل القوانين الخاصة بالأحزاب والجمعيات والمنتخبين في المجالات المختلفة، داعيا في نفس الوقت إلى إعادة النظر في المادة 73 من الدستور التي أسقط فيها شرط شهادة ثبوت عدم تورط والدي المترشح لمنصب رئاسة الجمهورية في أعمال ضد ثورة نوفمبر 54 مع اقتراح إضافة الإقامة الدائمة بأرض الوطن كشرط لمن يترشح لهذا المنصب. ومن بين مقترحات الجبهة الوطنية للعدالة والتنمية أيضا تحدث رئيس الحزب عن محور نظام الحكم في البلاد وضرورة الفصل بين السلطات والتوافق في الصلاحيات واستقلالية القضاء، إضافة إلى دور البرلمان في التشريع والمسائلة والمراقبة والمحاسبة وسحب الثقة. ودعا بونجمة في الاخير إلى بذل مزيد من الجهود لتحضير الأجواء، وتمكين أحزاب المعارضة المقاطعة للمشاورات من المشاركة فيها، وذلك بغرض الاستفادة من أفكارها وآرائها وخبرتها للخروج بدستور لا يشعر فيه أي طرف بالتهميش والإقصاء. أما رئيس حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية، مبروك ساسي، فقد أكد عقب استقباله من قبل السيد أويحيى بأن حزبه يعتبر إقرار نظام حكم شبه رئاسي في الجزائر يعد الأصلح في الوقت الراهن، معتبرا بأنه "من غير الممكن أن يسود النظام البرلماني أو الرئاسي حاليا"، الأمر الذي يتطلب برأيه المزج بين نمطي الحكم. وبرر رئيس الجبهة اقتراحه هذا من منطلق حساسية المشاكل التي تعاني منها البلاد، مبرزا من جهة أخرى أن حزبه قدم مقترحات أخرى ذات الصلة بشروط العضوية في البرلمان ورئاسة المجلس الدستوري. واقترح ساسي في هذا الشأن أن يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المجلس الدستوري وأربعة من أعضائه الذين يقومون بانتخاب نائب الرئيس من بينهم، ليعرب في الأخير عن أمله في أن تتوج هذه المشاورات بدستور توافقي مبني على أساس اقتراحات وآراء ووجهات نظر الجميع دون إقصاء، مشيرا إلى أن "الإجماع على وثيقة الدستور لا يمكن أن يلتف عليها الجميع، ولذلك فالتوافق عليها هو الحل الأمثل والأفضل". من جهته دعا الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، مبارك خالفة، إلى دستور توافقي يؤسس لنظام حكم شبه رئاسي يتماشى مع واقع المجتمع الجزائري، ويتكيف مع مختلف السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وأوضح السيد خالفة، أن منظمته تدعو إلى دستور توافقي يؤسس لنظام حكم شبه رئاسي "يتماشى مع واقع المجتمع الجزائري، ويتكيف مع مختلف السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ومؤسسات الدولة في إطار التعارف والتكامل خدمة للمصلحة العامة". وأشار الأمين العام إلى أن مقترحات منظمته حول تعديل الدستور تقضي برفض النظام الرئاسي "حتى لا تتمركز كل الصلاحيات لدى رئيس الجمهورية فنجعل منه -كما جاء على لسانه- القاضي والحاكم في نفس الوقت". كما عبّر المتحدث عن رفض هيئته للنظام البرلماني في هذه الظروف التي ما زالت فيها التجربة الديمقراطية "لم تبلغ سن الرشد".