تندرج الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، إلى جمهورية الصين الشعبية منذ أمس، في سياق تعزيز العلاقات التقليدية بين البلدين، والتي تطورت خلال السنوات الأخيرة على المستويين الاقتصادي والتجاري. ومكّنت العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين الجزائروالصين من الارتقاء بمستويات هذا التعاون إلى أفضل المراتب. ويعكس الاحتفال بالذكرى ال55 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائرية يوم 20 ديسمبر 1958، خلال هذه السنة، حرص البلدين على المضي قدما بمختلف أشكال التعاون، حيث قرر الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة، ونظيره الصيني شي جينبينغ، إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين بهدف تعميق التعاون في كافة الميادين، وتوسيع التواصل بين الشعبين بما يحقق تطلعاتهما. وكان بيان مشترك قد صدر بمناسبة ذكرى إقامة هذه العلاقات، حيث أشار إلى أن الشراكة الثنائية تهدف إلى تكثيف الحوار السياسي على كافة المستويات، من خلال آليات منتظمة لتنسيق وبرمجة التعاون الثنائي في كافة المجالات، وتعميق التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية، بالإضافة إلى علوم الفضاء وتوسيع التواصل الإنساني والثقافي والاجتماعي بين الشعبين، بما يحقق تطلعاتهما ويخدم المصلحة المشتركة للبلدين. وحسبما جاء في نص البيان فقد جددت الصين، طموحها لتعزيز تعاونها الاستراتيجي مع الجزائر والدفع باتفاقيات الشراكة في شتى المجالات، خاصة وأن الجزائر تعد البلد العربي الأول الذي أبرم هذا النوع من الشراكة مع الصين "الشراكة الاستراتيجية العامة". وبلا شك فإن ما حافظ على جودة العلاقات الثنائية هو حرص قيادة البلدين على تفعيل التعاون الثنائي من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة، ففي شهر فيفري عام 2004، قام الرئيس الصينى هو جين تاو، بزيارة عمل للجزائر وتبادل مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الآراء حول تعزيز العلاقات الثنائية والمسائل الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وفي هذا الصدد تم التوقيع على اتفاقيات عديدة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الصينوالجزائر، وأعلنا عن إقامة علاقات التعاون الاستراتيجية الصينيةالجزائرية. وفي نوفمبر عام 2006، حضر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الافريقى وقام بزيارة عمل للصين، حيث تم التوقيع على بيان بشأن تطوير علاقات التعاون الاستراتيجية بين البلدين. وعرفت العلاقات الاقتصادية بين البلدين دفعا حقيقيا بداية من سنة 2000، ليتم إنشاء "الشراكة الاستراتيجية العامة" بعد 10 سنوات من ذلك، وحسب آخر الإحصائيات فقد فقدت فرنسا مكانتها كأول متعامل اقتصادي مع الجزائر للصين في 2013، وهي المكانة التي احتفظت بها الصين خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، حسبما كشفت عنه الجمارك الجزائرية في حصيلتها الأخيرة، بقيمة صادرات للصين نحو الجزائر بلغت 1.87 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2014، لتليها فرنسا ب1.67 مليار دولار. كما تعد الجزائر الشريك التجاري الأول للصين في المنطقة، وأكبر سوق للتصدير في المغرب العربي، حيث تهيمن المبادلات التجارية بين البلدين على أزيد من 40 بالمائة من معاملات الصين في المنطقة المغاربية، والذي يقارب 21 مليار دولار، كما بلغت قيمة الاستثمارات 14 مليار دولار في ظرف 8 سنوات. وحسب ما كشفته الوكالة الصينية "كزينهوا" بداية شهر ماي الماضي، فقد استثمرت الشركات الصينية في الجزائر أزيد من 20 مليار دولار في قطاعات عدة خاصة البناء والأشغال العمومية، في حين أشار تحقيق مكتب "ثينك ثانك" الأمريكي، إلى أن استثمارات الشركات الصينية في الجزائر بين (2005 -2013) بلغت 14 مليار دولار، مما جعل الجزائر ثاني سوق للشركات المقاولاتية الصينية في إفريقيا بعد نيجيريا، وواحدة من بين أهم 15 شريكا لها عبر العالم. وحسب هذا التحقيق، فإن قطاعات البناء تستحوذ على اهتمام الشركات الصينية خلال السنوات الأخيرة، على غرار فوزها بتجسيد مشروع الطريق السيار شرق - غرب، المقر الجديد لوزارة الشؤون الخارجية، مشاريع السكن والجامع الكبير بالعاصمة. وهو ما يعطي استشرافا لمستقبل التعاون الجزائريالصيني.