مع كل خطوة يحققها الشعب الفلسطيني في طريق تعزيز وحدة صفه بالمصالحة والتحاور، تتفنن سلطة الاحتلال في حبك سيناريوهات إفشالها من أجل استمرار الفرقة بين فرقاء الساحة السياسية في الأراضي المحتلة، بل والسعي إلى تعميقها لإفساح المجال واسعا لتنفيذ المشروع الاستيطاني، ومن ثم الاقتراب أكثر من حلم يهودية الدولة وفرضها كأمر واقع. وهاهي حكومة الكيان الغاصب تسارع إلى بناء المزيد من المستوطنات كرد فعل عقابي على المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، في موقف جاء معاكسا حتى لمواقف الدول الراعية لمصالح إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وضمان تفوّقها العسكري قبل الاقتصادي. ولقد كان هذا دائما ديدن الكيان الصهيوني منذ الإرهاصات الأولى لزرعه في خاصرة الأمة العربية، إلى مرحلة المفاوضات حول الحل الشامل للصراع العربي الإسرائيلي الذي فقد فيه الطرف الفلسطيني كثيرا من الحقوق وكثيرا من الجغرافيا. والذي لا يجد له المواطن العربي تفسيرا هو: لماذا تتنصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الالتزامات التي تبرمها سابقاتها وتعيد عدّاد المفاوضات من جهة واحدة إلى الصفر؟ في المقابل لماذا يلزم الطرف العربي ومعه الطرف الفلسطيني باستئناف المفاوضات من حيث انتهت، ولا يسمح لهما بمراجعة الالتزامات وليس رفضها لتبدأ من الصفر كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل؟ يكمن الجواب دون شك في أن الدول الراعية للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية هي في حد ذاتها الخصم والحَكم في هذا الصراع الذي تجري فيه الرياح دائما بما تشتهيه إسرائيل. ولذلك لا تدع حكومة الاحتلال مناسبة ولا حدثا مهما كان تافها لإعلان العقوبات على الحكومة الفلسطينية وبعث الاستيطان بوتيرة سريعة بهدف تطويع الموقف الفلسطيني لمزيد من التنازلات، كما هو جار اليوم مع المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية.