تثمين بالإجماع ودعم للحكومة في مسألتي المصالحة والغاز الصخري "تأييد تام" لمخطط عمل الحكومة المعروض للنقاش، ذلك ما عبّرت عنه المجموعات البرلمانية الثلاث لمجلس الأمة، أمس، خلال التدخلات التي طبعت اليوم الثاني من مناقشة المخطط داخل الغرفة العليا، معتبرة أن ما جاء في التدخلات من "ملاحظات" جاء لتدعيم المخطط وليس للإنقاص منه. وينتظر أن يرد اليوم الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، على انشغالات أعضاء المجلس الذين يتجهون بدون شك للتصويت عليه. وخصصت جلسة صباح أمس، لرؤساء المجموعات البرلمانية بعد أن استكملت تدخلات أعضاء مجلس الأمة يوم الأحد. وتشابهت الكلمات في التدخلات التي ثمّنت في مجملها العمل الحكومي وعبّرت في مجملها عن اقتناعها بأهمية المجهودات والإنجازات الحاصلة، وكذا عن تأييدها للبرنامج الحكومي العاكس لبرنامج الرئيس بوتفليقة الانتخابي، كما عبّرت عن بعض النقائص التي دعت إلى تداركها في المخطط الخماسي القادم. فبالنسبة لرئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، السيد عبد القادر زحالي، فإن مناقشة المخطط الحكومي الذي يتزامن والمشاورات المتعلقة بالدستور "يؤكد حرص رئيس الجمهورية، على تجسيد الوعود التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية لمواصلة واستكمال الإصلاحات التي باشرها، وتجديد الممارسة السياسية وعصرنتها بما يتماشى والمصالح العليا للوطن". واعتبر المتحدث أن تأييد المخطط الحكومي "مسألة يمليها علينا وعلى الجميع واجب احترام إرادة الشعب السيّد، الذي يدرك أن الاستقرار الذي تحقق بفضل سياسة المصالحة الوطنية كان وراء الإنجازات الكبيرة والعديدة والمتنوعة في كافة الميادين". من هذا المنطلق أكد أن الحزب يرى بأن مواصلة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يعد "شرطا أساسيا لضمان الاستقرار اللازم لتجسيد هذا البرنامج الطموح". ودعا من جانب آخر الحكومة إلى التركيز على جملة من المحاور أهمها "ترقية الديمقراطية التشاركية واللامركزية" من خلال إسهام أكبر للجماعات المحلية في حل مشاكل المجتمع، بتمكينها من الوسائل المالية والمادية والبشرية، وكذا الإسراع في وضع خارطة التقسيم الإداري الجديد. وفي قطاع الصحة، طالب بمزيد من الجهود لإعادة تنظيم الخارطة الصحية مع تقييم دوري وفوري للنتائج المحققة، وإشراك كل مهنيي القطاع، مع التأكيد على أن يكون القطاع الخاص مكمّلا للقطاع العام وليس بديلا، وتطرق في هذا السياق إلى معاناة مرضى السرطان. وبخصوص ترقية الخدمة العمومية، اعتبر أن إنشاء مرصد للخدمة العمومية "قرار حكيم"، لكنه تساءل عن أسباب اختفاء الوزارة المخصصة لهذا الشأن، وعما إذا كان المرصد سيملك نفس صلاحياتها؟ بالمقابل سجل أن إنشاء وزارة خاصة بالشباب دليل على الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لهذه الشريحة. في السياق دعا إلى تكييف برامج التكوين والتعليم مع متطلبات سوق العمل والواقع الاقتصادي. وثمّنت مجموعة حزب جبهة التحرير الوطني، مسعى الحكومة لاستغلال الطاقات غير التقليدية، إلا أنها شددت على العمل على استغلال مشاريع الطاقات المتجددة لاسيما المتعلقة بالطاقة الشمسية. وبدوره، ثمّن السيد محمود زيدان، رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي ذكر بأن حزبه ساند الرئيس وبرنامجه منذ 1999، ولذا فإنه نوّه بمواصلة المصالحة الوطنية قائلا إنها تجربة فريدة من نوعها أصبح يحتذى بها في بلدان أخرى، وعبّر عن اقتناعه بأنه لا خشية على شريحة المقاومين، وأن الدولة لن تتخلى عنهم وأنها ستعالج انشغالاتهم "بهدوء"، وعبّر عن استهجانه ل«معاول التخويف التي تقول إن الجزائر في خطر.. فنقول إنها بخير ولا أحد يزايد عليها وستتكفّل بمشاكل أبنائها". وإذ عبّر عن ارتياحه لمباشرة المشاورات السياسية حول تعديل الدستور، فإنه اعتبر أن الجزائر تستعد لولوج مرحلة جديدة عبر إصلاحات معمّقة، لذا قال إنه لامناص من التحلي بروح المسؤولية التي تفرضها التحديات، والتخلي عما وصفه ب«الحسابات الضيقة" التي طغت منذ إعلان الرئيس عن الإصلاحات، كما أشار إليه. وبخصوص استغلال الغاز الصخري الذي أحدث جدلا واسعا، فإنه شدد على دعم حزبه لبرنامج الحكومة في هذا الإطار من أجل ضمان الأمن الطاقوي للبلاد، وإبقاء الجزائر كفاعل نشيط في سوق النفط الدولية. وطالب بمزيد من الجهود في الاستكشاف والتطوير وتأهيل الموارد البشرية لاستغلال غاز الشيست، مثمّنا في السياق قرار شركة سوناطراك بإنشاء مدرسة لتكوين الكفاءات في مجال المحروقات غير التقليدية. بالمقابل، دعا الحكومة إلى العمل على التخلص من التبعية للمحروقات وذلك باعتبار قطاعات السياحة والفلاحة والصناعة كقاطرة أساسية، كما أشار إلى أن الاستثمار يعد الحل الأنجع لمشكلة البطالة. وعن الثلث الرئاسي، تحدث السيد عبد الكريم قريشي، الذي أشاد بالعمل الذي يقوم به أفراد الجيش الوطني الشعبي لحماية حدود الجزائر ونظامها الجمهوري، ودعا إلى الاستمرار في اليقظة والوقوف في وجه كل ما من شأنه المساس بأمننا من إرهاب وجرائم ومخدرات وفساد. وعبّر عن أمله في أن تصل المشاورات الحالية حول الدستور للاتفاق بعيدا عن كل أشكال التفرقة حول دستور يحدد معالم الدولة، داعيا الجميع إلى المشاركة بفعالية، واضعين نصب أعينهم المصلحة العليا للبلاد، وعدم التحجّج ببعض المصالح الضيقة. كما دعا إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتكثيف تواجد الوزراء في الولايات "بعيدا عن الزيارات البروتوكولية المحدودة التي لا تجدي نفعا". وإذ أشار إلى عدم التوصل إلى توازن جهوي حقيقي، فإن ممثل الثلث الرئاسي تحدث عن أهمية الحفاظ على اللحمة الوطنية والتماسك بين الجزائريين، وتأسف لتأخر انطلاق بعض المشاريع التنموية وللنقائص المسجلة في مجال التشغيل، والتي تقف وراء الاضطرابات المستمرة لاسيما لفئة الشباب. كما نبّه إلى ضرورة استرجاع هيبة الدولة والقضاء على آفات مثل الرشوة والمخدرات وقطع الطرقات، وطالب بالتطبيق الصارم للقانون على كل المواطنين. من جهة أخرى، طالب بدعم قوات الجيش الجزائري لاسيما فيما تواجهه حاليا بفعل الاضطرابات الحاصلة في الجوار، وأكد على ضرورة الاهتمام بالصناعات العسكرية. وكان أعضاء مجلس الأمة، قد واصلوا مساء أول أمس، مناقشة مخطط عمل الحكومة بالدعوة إلى ضرورة مواصلة الجهود لمكافحة ظاهرة الفساد والبيروقراطية، وكذا تعزيز آليات الرقابة والشفافية في عمليات صرف المال العام. في السياق، أكد النائب موسى تمدرتازة، من حزب جبهة القوى الاشتراكية، على ضرورة اعتماد مزيد من الآليات لضمان الشفافية في تسيير وصرف الأموال العمومية، ومكافحة الفساد وتعزيز صلاحيات مجلس المحاسبة، وكذا العمل على تعزيز السيادة الوطنية، وإشراك المعارضة وجعل العمل البرلماني في صلب اهتمامات المواطن. ورافع النائب بوزيد بدعيدة، من حزب جبهة التحرير الوطني، لصالح تمكين البرلمان بغرفتيه من الاطلاع على الحصيلة السنوية لعمل الحكومة، بغية السماح لممثلي الشعب بالوقوف على مدى تقدم المشاريع التنموية قيد الإنجاز. وبعد أن ثمّن النائب كمال جلطي، من حركة مجتمع السلم، التدابير التي جاء بها مخطط عمل الحكومة لاسيما في الشق الخاص بتحسين نوعية الخدمات العمومية، شدد على ضرورة إيلاء العناية لمكافحة جرائم الفساد والبيروقراطية. من جهتها، اقترحت السيدة رفيقة قصري، من الثلث الرئاسي إنشاء مرصد وطني لمكافحة التبذير في جميع القطاعات لترشيد النفقات، مشيدة في نفس السياق باهتمام الحكومة بتحسين الخدمات العمومية. من جانبها، أشادت السيدة نوارة سعدية جعفر، عن الثلث الرئاسي بالتدابير التي جاء بها مخطط عمل الحكومة والهادفة -مثلما أوضحت- "لضمان كرامة حقوق الإنسان وإقرار الحكم الراشد". كما شدد النائب إبراهيم مزياني، من حزب جبهة القوى الاشتراكية، على ضرورة "تقوية الجبهة الداخلية وبناء إجماع وطني حول القضايا والمشاريع الوطنية". وثمّن متدخلون آخرون الإجراءات التي تضمنها مخطط عمل الحكومة، من بينها ترقية ودعم مسار المصالحة الوطنية، وكذا الإجراءات الخاصة بمواصلة مكافحة الإرهاب والجريمة.