كلما اقترب حلول شهر رمضان المبارك كلما دخلت المصالح التجارية والوزارات المعنية في حالة استنفار، تحضيرا لهذا الشهر المبارك، حيث لا تخرج التدابير والإجراءات عن طمأنة الجزائريين بما اتخذ لضبط السوق والتحكّم فيها. إلا أن الواقع، سواء تعلق بسوق الخضر أو اللحوم بأنواعها، يأتي عكس كل التوقعات المطمئنة، لأن الأسبوع الأول من شهر رمضان لا يخضع للإجراءات ولا للتدابير بل لمافيا المضاربة التي تترك بصماتها وتفرض منطقها كلما حلّ شهر رمضان. وبالتالي فإن أي تصريح أو جهد يصبّ في مجال الطمأنة بالتحكّم في السوق لا معنى له، بل لا جدوى منه، مادام سوق الخضر واللحوم في يد من يتقنون فن المضاربة في فضاء لا مجال فيه لقوانين السوق. ولا يمكن تصحيح هذا الخلل إلا بالقضاء على المضاربة، ويومها يمكن لوزير التجارة أو مسؤولي دواوين اللحوم الحمراء والبيضاء والخضر الحديث عن استقرار السوق في رمضان. ثم إن المضاربة لا تجدي معها الإجراءات والتدابير بقدر ما يجدي معها ترشيد الاستهلاك، فيوم يغيّر المواطن من ثقافته الاستهلاكية المبنية على الجشع والتبذير والتخزين، يمكن للأسعار أن تستقر أو على الأقل لا تشهد الارتفاع الفاحش الذي عهدناه، لأنه عندما يمتنع المواطن عن اقتناء سلعة يرى بأن سعرها تضاعف في أول يوم من رمضان، فإن هذه السلعة سيكون مصيرها التلف، وبالتالي تدفع صاحبها إلى التفكير ألف مرة قبل معاودة رفع سعرها مستقبلا. فليكن المواطن هو العامل الرئيسي في فرض توازن العرض والطلب وترشيد استهلاكه بمنأى عن الإسراف والتبذير.