الجزائر بمواقفها الثابتة والتزامها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار ونضالها المستمر من أجل نشر السلم والأمن في القارة الإفريقية، ودعواتها الملحة إلى حلحلة المشاكل والأزمات الداخلية للدول بالطرق السلمية وضمن أطر وهياكل الاتحاد الافريقي ورفض التدخل الخارجي ونبذ العنف، وكذا خبراتها في مكافحة الإرهاب، صارت مقصدا ومحجا لدول الجوار التي تعاني أزمات داخلية، وآخرها توجه حركات الأزواد التي تنشط بشمال مالي إلى الجزائر لتكون وسيطا في تفاوضها مع الحكومة، وتوج الاجتماع الذي عقد أول أمس بجنان الميثاق تحت إشراف وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، وبحضور ممثلي الحركات الثلاث بإعلان الجزائر. إن مثل هذه المواقف تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن للجزائر دورا فاعلا في المنطقة، إن هي حركت أدواتها الدبلوماسية وأن منهجيتها في التعاطي مع محيطها الجواري والإقليمي، نابعة من مبادئها الثابتة، ومن حرصها على ألا تكون طرفا في أي نزاع رغم الضغوط التي تعرضت لها من خلال بعض وسائل الاعلام الداخلية والخارجية. إن مواقفها الحيادية جعلت منها محل ثقة من جميع الفرقاء وأعلت كلمتها وجعلتها مسموعة من قبل جميع الأطراف. فالدول التي دعمت التدخل العسكري هي اليوم تبارك المقترحات التي خرج بها ”إعلان الجزائر”، فالسياسة علم وليست شعوذة وتنجيما فهي تعتمد على دراسة الواقع لاستخلاص المعطيات وبالتالي توظيفها في حل الأزمات بتأن وروية، وليس بشطحات ارتجالية وأبواق إعلامية.