لا شك في أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية، للتخفيف من البيروقراطية لقت ارتياحا كبيرا لدى المواطنين، خاصة وأن تقليص الملفات الإدارية وإقامة السجل الوطني الإلكتروني للحالة المدنية، وكذا تمديد صلاحية بعض الشهادات لطالما انتظره المواطنون ليتخلّصوا من كابوس البيروقراطية. لكن الإصلاح المطلوب هو إصلاح الذهنيات على مستوى المصالح الإدارية التي تتعامل مباشرة مع المواطنين، فالقائمون على شبابيك بعض الإدارات مازالوا يفرضون منطقهم ولا يطبّقون الأوامر الفوقية بحجّة ”ماوصلنا والو”، فهم، على سبيل المثال، لا يحترمون آجال تسليم بعض الوثائق متحججين بنقص الإمكانيات المادية والبشرية. كما أن مواطنين اشتكوا من أن بعض مصالح البطاقات الرمادية رفضت استلام الملفات بحجّة أن المعني لا يقطن بنفس الدائرة، مثل هذه الأمور تتطلب متابعة يومية على مستوى المصالح الإدارية، والحرص على التطبيق الحرفي لكل الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الوزارة حتى لا تبقى حبرا على ورق. فما أسهل أن تتخذ الإجراءات لكن أصعب شيء هو ترويض الذهنيات المتحجّرة التي عشعشت فيها البيروقراطية التي كانت ولا تزال بالنسبة لأصحابها مصدرا للكسب غير المشروع، من خلال الرشوة التي باتت شرطا من شروط التعجيل بقضاء الحاجة.