أحد الأصدقاء من مدينة القنطرة، إطار بشركة سوناطراك، جاءه عرض مغر من الشركة الأمريكية ”هاليبرتون” فاحتار بين البقاء في شركة سوناطراك، أو الالتحاق بالعرض المغري ل«هاليبرتون” فاستشار أحد الأشخاص ممن لهم تجربة في الحياة فكان جوابه: ”حالك مثل حال دودة التمرة، التي تخلق وتنمو داخل التمرة، وتتغذى منها، ولأنها تعيش في وسط مغلق، تعتقد أن غذاءها محدود فيه وتقتصد قدر الإمكان حتى لا تأكل كامل التمرة وتموت، لأنها لا تدري بأن التمرة الموجودة بداخلها ملتصقة بشمروخ، والشمروخ فرع من العرجون، والعرجون داخل مخرن التمر. وما ينطبق على الدودة ينطبق على بعض المشرفين عندنا على الاقتصاد الوطني الذين يحاولون بشتى الطرق ربطنا بأوروبا مع أنها تعاني من أزمات اقتصادية، ومع ذلك تحاول الضغط علينا لمراجعة قاعدة 51 / 49، في حين أن العالم يتجه إلى الشرق، حيث أصبحت تتمركز رؤوس الأموال، والخبراء يرون أن كفة الميزان أصبحت تتجه نحو روسيا والصين ودول البريكس، فالرئيس بوتين قرر مع هذه المجموعة تغيير مجرى أحادية القطب في العالم ولوح بإنشاء صندوق نقد دولي واستبدال الدولار الأمريكي بعملة جديدة، فلهذه الدول دور متنام على الساحة الدولية، بسبب نفوذها المتزايد على صعيد الناتج الاقتصادي والتعاون التجاري فهي تشكل 30 ٪ من مساحة اليابسة، وتضم 40٪ من مجموع سكان العالم. كما يصل حجم الناتج الاقتصادي لها إلى ما يقارب 18٪ من الناتج الاقتصادي العالمي، إضافة إلى 15٪ من حجم التجارة الخارجية وتجلب نصف الاستثمارات الأجنبية العالمية. فالجزائر ليست مجبرة على التعامل مع من يفرضون شروطهم عليها لأنها في وضع يمكنها بل يؤهلها لأن تفرض شروطها، وخاصة وأن أمامها مجموعة واسعة من الخيارات، فالتكنولوجيا لم تعد حكرا على الدول الأوروبية، فالهند رائدة في البرمجيات، وإيران افتكت ناصية العلوم وتكنولوجية النانو، التي أحدثت ثورة في الاكتشافات الحديثة لمعالجة بعض الأمراض المستعصية. إلى جانب البرازيل وجنوب إفريقيا، إننا في حاجة إلى رجال أمثال لي كوان يو الذي أخرج سنغافورة من العالم الثالث إلى العالم الأول، وكان شعاره فتح الباب أمام الكفاءات العلمية والطاقات الخلاقة لإيجاد الحلول المبتكرة لمعوقات التنمية والتطور.