يستغرب المرء وهو يتحدث مع مختلف الأخصائيين في مجالات عدة ومختلفة عندما يصطدم بعبارة تتكرر في كل مرة على لسان الجميع وهم يشخّصون بعض المشاكل أو الظواهر التي نعيشها في الجزائر. "انعدام ثقافة الأشياء" هي تلك العبارة التي يرد بها عليك الجميع وأنت تسألهم عن أسباب المشاكل. فالطبيب يحدثك طويلا عن الأمراض وينتهي به المطاف الى الجزم بأن الجزائري لايملك "ثقافة صحية" وأن ذلك هو سبب الكوارث التي تعيشها مستشفياتنا... والمختص في البيئة لايتردد في إرجاع سبب القذارة التي تعيشها أحياؤنا إلى انعدام "الثقافة البيئية" لدينا، نفس الانطباع يخرج به البيطري وهو يتحدث عن وضعية حيواناتنا وحالتها الصحية! الجزائري متهم كذلك بأنه لايفقه شيئا في "ثقافة السياحة" وهو ماعطل انطلاق هذا القطاع الحساس، ولا في "ثقافة التعامل مع الغير" التي جعلت علاقاتنا الاجتماعية معقدة في كثير من الأحيان ...كما انه بعيد عن ابسط مفردات "الثقافة القانونية" مما يجعله يقع في يد العدالة التي لاترحم المغفلين كما يقال. كما أن ثقافة الرياضة هي الأخرى غائبة في المجتمع الجزائري حسب الخبراء في المجال وهو ما انعكس سلبا على لياقة الجزائريين الذين يجهلون أيضا قواعد ثقافة الفرح والحزن و..و... وحتى الثقافة الجنسية. وفي ظل هذه التشخيصات لايمكن الا ان نتساءل أي ثقافة يملكها الجزائري اذن؟! وهل يملك ثقافة اصلا؟ ام انه صاحب "ثقافة اللاشيء"؟ وهل يمكن تعليق مشاكلنا على شماعة عبارة واحدة يبدو أنها اصبحت التحليل الوحيد لمشاكلنا، والتبرير الذي يغطي فشل البعض في القيام بدورهم.