لا تستغرب إذا شممت رائحة احتراق الطعام في بيتك أو في بيت الجيران، ولا تغضب إذا لم يحمل صديقك الحميم هاتفه النقال للرد عليك رغم ظهور رقمك على الهاتف... ولا تحزن إذا ردت عليك حبيبتك بأسلوب بارد.. فلا يعني ذلك أن هؤلاء لا يقومون بواجبهم أو أن تراجع حبك في صدورهم، لكن السبب بسيط جدا، فالكل منهمك في متابعة أحداث المسلسل التركي المدبلج »نور«، هذا المسلسل الذي غزا البيوت العربية من المحيط إلى الخليج وزعزع هيبة الأفلام والمسلسلات المكسيكية، حيث أطاح بمظلة » أنا كرستينا« الأرستقراطية وأذاب سحر »كاسندرا« وحير حكمة العجوز »دوريندا« صاحبة التجارب الكبيرة في الحياة.. وسحق أيضا وسامة »أليخاندرو«، إنه مارد خيم بظله على العقول والقلوب.. رجال، نساء، كهول، عجائز، شباب وأطفال يتابعون أحداثه عن كثب... فوسامة »مهند« الممثل التركي كيفانش القادم من عالم الموديل، سمحت له بدخول قلوب الفتيات وكذا معاملته الرومانسية الحالمة مع الحبيبة نور، إلى جانب المثالية العجيبة الغريبة التي تطبع المسلسل وتجعل منه محط انتباه.. فكل فرد، صغيرا كان أو كبيرا، يستطيع تقمص الشخصيات المحركة لأحداث المسلسل، فالأجداد والآباء يبحثون عن السلطة المفقودة التي عصفت بها التغيرات، والحموات يجدن في سلطة »شريفة« القوة والبأس والهيمنة، وربما أكثر الأشياء التي استطاع ان يحاكيها المسلسل بقوة، الحرمان العاطفي والرومانسية المفقودة التي تحن إليها المرأة العربية، حيث أصبح »مهند« حجر عثرة في العلاقت الزوجية العربية التي تعاني الجفاء، ف»مهند« الزوج العاشق الولهان الذي أفناه العشق، لا يبخل »نور« ولا يحرمها لا من التعبير عن الأشواق والحنين بمختلف اللغات الحسية والتعبيرية وكلمات الحب المتدفقة التي تحن لها كل امرأة ورجل عربي، وأظن أنه حان الأوان لمراجعة حياتنا، فالمؤشرات كلها تدق نواقيس الخطر فقد سيطر الخيال على الواقع، فأين المفر؟!