أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي بطهران، أنه يتحتم على حركة عدم الانحياز تكييف مقاربتها مع التحديات الجديدة وتعبئة اكبر لوسائل تحركها. وأوضح السيد مدلسي في خطاب ألقاه أمس أمام المؤتمر الوزاري ال 15 لحركة عدم الانحياز المنعقد يومي 29 و30 جويلية بطهران، أن هذا التكييف يمكن الحركة من "التأثير الايجابي على منحى الأحداث وترقية الأهداف الإستراتيجية والمصالح المشتركة للدول الأعضاء" . وأضاف الوزير أن "التحديات العديدة التي أفرزتها العولمة والتحولات العميقة على الساحة الدولية تظهر أن الخلاص يكمن في التزامنا بالمبادئ الأصلية لحركتنا وفي ضرورة تعزيز تضامننا ووحدة عملنا وتلاحم صفوفنا". وأشار السيد مدلسي إلى أن "الرهنات المتعلقة بمسار إصلاح الأممالمتحدة تستوقفنا وتفرض علينا مواصلة وتكثيف التشاور وتفعيل تضامننا لحماية وترقية مثلنا ومصالحنا المشتركة". إن الجزائر يؤكد السيد مدلسي " تشيد بما توصل إليه مسار الإصلاح هذا من قرارات توافقية حول إنشاء لجنة بناء السلام ومجلس حقوق الإنسان وكذا تبني الإستراتيجية العالمية للأمم المتحدة حول مكافحة الإرهاب". وأبرز الوزير أن "هذه النتائج الملموسة من شأنها أن تشجعنا لبذل المزيد من الجهود لضمان التكفل بانشغالاتنا حول القضايا العالقة خاصة ما تعلق منها بمشروع الاتفاقية الشاملة حول الإرهاب الدولي وتعزيز انسجام نظام الأممالمتحدة وإصلاح مجلس الأمن". وأكد السيد مدلسي، أن "المحافظة على السلم وترقية النمو سيظلان من أهم انشغالاتنا في هذا العصر"، مضيفا أنه "قد بات من المعروف أن الإرهاب بطبيعته الخطيرة والعابرة للأوطان يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين". إلا أن الوزير لاحظ أنه "إذا أردنا أن يكون لمكافحة الإرهاب مصداقية يجب أن لا يكون هذا المجهود انتقائيا ولا غامضا". وأشار في هذا الصدد إلى أن حركة عدم الانحياز التي ضلت تساند قضايا الحرية والعدالة عليها أن "ترفض كل محاولة خلط بين الإرهاب والكفاح الشرعي الذي تخوضه الشعوب من أجل الحرية والاستقلال". ففي الوقت الذي نتأهب فيه لمراجعة الإستراتيجية العالمية للأمم المتحدة حول مكافحة الإرهاب في سبتمبر القادم بنيويورك - يقول السيد مدلسي - "فإننا نتطلع إلى التزام فاعل لدول عدم الانحياز في هذا المسار للدفاع على المبادئ المشتركة للحركة حول هذه القضية". وفي تطرقه لقضية الصحراء الغربية ذكر الوزير بأن حركة عدم الانحياز التي كانت دوما تدعم قضايا الحرية والعدالة "يتعين عليها أن تؤكد دعمها من جديد لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره الذي كرّسته لوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن". "إن الجزائر التي وضعت دوما مساعيها ضمن الشرعية الدولية والقانون والعدالة وعملت بلا هوادة من أجل دعم الاستقرار والسلم وازدهار المغرب العربي ستواصل دعمها لجهود الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل عادل ونهائي لهذا النزاع على أساس حق شعب الصحراء الغربية في اختيار مصيره بكل حرية من خلال استفتاء حر ومنتظم لتقرير المصير". وأما بخصوص الشرق الأوسط أشار الوزير إلى أن الوضعية في الأراضي الفلسطينية "تظل مصدر قلق كبير وتشكل تهديدا حقيقيا للسلم في كامل المنطقة بسبب تعنت إسرائيل في سياستها الاستعمارية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني"، مضيفا أنها عوامل "من شأنها عرقلة حركية السلام والجهود المبذولة من أجل إنهاء هذا النزاع". ومن جهة أخرى أبرز السيد مدلسي أن إعلان كوبا الصادر عن قمة بلدان عدم الانحياز الذي أكد دعمه لمسار السلام في الشرق الأوسط المبني على القرارات الشرعية الدولية وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام قد دعم مبادرة السلام العربية. كما طلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود من أجل استئناف عملية السلام على كافة المستويات وإقامة سلام عادل ودائم يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة". وفي نفس المنطقة - يقول الوزير - "لا يزال الوضع الأمني في العراق والتوتر البالغ الذي يسوده يثير القلق. لذا فإن عودة الأمن والاستقرار في العراق الشقيق يشكل أولوية لنا". وأما بالنسبة للسودان - يضيف السيد مدلسي - "يتعين على حركتنا أن تؤكد تضامنها مع هذا البلد وتشجع كل الفرقاء السودانيين على بذل المزيد من المجهودات لتخفيف التوتر والعمل على إيجاد حل نهائي لأزمة دارافور وكذا توفير الشروط الملائمة لإقامة مصالحة وطنية حقيقية". وفي هذا السياق أكد الوزير أن الجزائر "جددت تضامنها وموقفها من الوضع في السودان خلال الاجتماعين الأخيرين لجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي المخصصين للتطورات المرتبطة بموقف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية". ومن جهة أخرى أشار السيد مدلسي إلى أن "المجتمع الدولي قد أدرك منذ مدة الخطر الذي يشكله تراكم أسلحة الدمار الشامل ودعا إلى نزع التسلح الكامل والشامل". وأبرز الوزير أنه يتعين على حركة عدم الانحياز أن تؤكد حق كل الدول في استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية وأن تدين الممارسات التمييزية السارية في مجال منع الانتشار النووي". من هذا المنظور وقصد إعطاء مصداقية لهدف منع الانتشار النووي - يقول الوزير - فإنه من الأهمية بمكان رفض سياسة الكيل بمكيالين والمساهمة الفعلية في إقامة مناطق خالية من السلاح النووي خاصة في الشرق الأوسط . إن على دول عدم الانحياز - يؤكد السيد مدلسي- "تعزيز صفوفها ولعب دور أكثر فاعلية لإنجاح اندماجها في الاقتصاد العالمي". مضيفا في الوقت ذاته أن أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلداننا تبقى وهمية مادام تسيير الاقتصاد الدولي مستمر في فرض القواعد علينا تزيد من تهميشنا في مسار اتخاذ القرار الدولي". ومن هذا المنطلق- قال الوزير- علينا أن نعمل دون هوادة لتوفير الشروط التي تضمن لنا مشاركة فعلية في النظام العالمي الاقتصادي ولتقوية قدراتنا من أجل التكفل باحتياجاتنا في مجال التنمية". وفي هذا السياق تعد الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا - يقول السيد مدلسي- "مسارا تضامنيا وإجابة افريقية للتحديات التي تواجهها القارة". وبناء عليه - يوضح الوزير- فإن حركة عدم الانحياز مدعوة لتجديد التزامها ودعمها لصالح تنمية إفريقيا خلال الاجتماع رفيع المستوى حول "احتياجات إفريقيا" الذي سيعقد بنيويورك يوم 22 سبتمبر 2008. (وأج)