نجحت جريدة "الحقائق" التونسية في زيارة المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، بعد زيارتها مخيمات اللاجئين الصحراويين في شهر ماي الماضي، لتصبح بذلك أول جريدة عربية تزور جانبي الجدار العسكري المغربي، لتكتشف أن المغرب لا يمتلك السيادة القانونية على الصحراء الغربية. ونشرت الجريدة مقالا للصحفية التونسية، ليليا بليز، يوم الخميس تحت عنوان "الداخلة: الصحراء الغربية أم المغرب الصحراوي؟"، في إشارة إلى ما اكتشفته من تناقض بين تصريحات المسؤولين المغاربة الذين لم يمكنوا الصحفية التونسية من لقاء المواطنين الصحراويين أو المدافعين عن حقوق الإنسان، بل أخضعوها لحصار حقيقي لتقتصر الزيارة التي دامت يوما واحدا على لقاءات مع الوالي، وبعض المرتزقة ممن تم تقديمهم للصحفية كصحراويين. وقد اعترفت الصحفية في مقالها أنها فوجئت بأن الزيارة التي وعدت من طرف سلطات الإحتلال المغربية بالقيام بها قد قلصت إلى يوم واحد، حيث تم ملأه بلقاءات مع مسؤولين، ومع جمعيات مغربية يدعي أعضاءها أنهم يمثلون الصحراويين، وهو ما تفطنت له الصحفية. وأشارت الصحفية في مقدمة مقالها أنه "يبدو أن النزاع في الصحراء الغربية في صميم الأحداث، حين نصل إلى الداخلة، مدينة من المناطق الجنوبية استحوذ عليها المغرب سنة 1975"، غير أنها تكتشف أن مضيفيها قلقين من قوة نضالات الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة، حيث أن السلطات المغربية وازلامها وفي محاولتهم إقناع الصحفية بأن لا وجود للشعب الصحراوي، أثبتوا لها أنه موجود من حيث لا يدرون. حتى المتحف الذي يسمى تعسفا بأنه صحراوي، تكتشف الصحفية أنه مليء بأشرطة فيديو ملوك المغرب وهم يتفاخرون بتمكنهم من السيطرة على المدينة، حيث تعرض الأشرطة الزيارات المختلفة التي قام بها الحسن الثاني، وابنه محمد السادس، غير أنها لا تذكر شيئا عن الإعتقالات بالمئات التي صاحبت مثل هذه الزيارات، وعشرات ضحايا الإختفاء القسري الذين اعتقلوا قبل أو بعد هذه الزيارات. الصحفية التونسية تقدم ملاحظاتها بحياد، فمن جهة تتحدث عما أراد المغاربة أن يعرضوا امامها، ولكن بعقلية الناقد والصحفي المجد، تكشف لقراءها أن هناك حقائق أخرى يجب وضعها في الحسبان، وهي أن الصحراء الغربية لا زالت مستعمرة مدرجة في لائحة الأممالمتحدة لتصفية الإستعمار. أكثر من ذلك وأثناء حديثها عن إصرار المغرب على فرض واقعه الإستعماري في الصحراء الغربية، تذكر الصحفية أن محكمة العدل الدولية في رأيها الإستشاري لسنة 1975 لم تعترف للمغرب بأي سيادة على الصحراء الغربية، في حين اعترفت للشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير. من جهة أخرى اكتشفت الصحفية أن الثروات الطبيعية في هذا الإقليم تشكل أحد أهم الإشكاليات في البلد، حيث تكشف أن المغرب والإتحاد الأوروبي هما من ينهب خيرات هذه المستعمرة، في حين لم تكتشف أي دليل يشير إلى أن الشعب الصحراوي يستفيد في شيء من هذا الإستغلال. وتصرح الصحفية أن شركات الملك محمد السادس، وشركات فرنسية هي من يستغل الإمكانيات الفلاحية الكبيرة لهذه المدينةالداخلة، حيث أن المنتجات الفلاحية التي تنتجها أرض الصحراء الغربية تصدر مباشرة إلى فرنسا، ومن هناك إلى السوق الأوروبية.
كما أشارت الصحفية في مقالها إلى تقرير الجمعية الأمريكية للمحامين الأخير، والذي أكد أن الشعب الصحراوي يمتلك حقا غير قابل للتصرف في تقرير المصير والإستقلال، وأن المغرب لا يمتلك اي حق في حرمان الصحراويين من الإختيار الحر بين الإستقلال، والحكم الذاتي أو الإنضمام إلى المغرب. وتتساءل الصحفية في نهاية مقالها "الآن وأنا أغادر الداخلة، والتي تختلف دون شك عن تيندوف، يبقى سؤال مثير للإنزعاج: وماذا عن الشعب الصحراوي في الإستشارات الدولية، أو حتى في الطريقة التي يدير بها المغرب المدينة كليا؟". وأشارت الصحفية أنها ولكي تنجح في كتابة المقال بشكل محترف كان لا بد لها من الإتصال بوجهة النظر الأخرى المقموعة، والتي لم تستطع أن تلتقي بها بسبب إصرار مضيفيها على التحكم في الزيارة وعدم منحها أي متنفس. وفي هذا الإطار اتصلت بنشطاء صحراويين، ومنهم محمد البيكم. محمد البيكم صرح للصحفية عن طريق المراسلة بأنه وبالإضافة إلى حرمان الصحراويين من الحق في حرية التعبير، تبقى مطالبات الشعب الصحراوي في تقرير المصير عرضة للقمع والكتم، كما أن مجرد الحديث عن انتهاكات المغرب حقوق الإنسان يشكل تحد في حد ذاته. غير أن الناشط الصحراوي اعتبر أن أكثر الإنتهاكات خطورة تبقى النهب الممنهج للثروات الطبيعية، حيث أكد بأن "الشعب الصحراوي لا يستفيد من هذه الثروات، سواء على مستوى الثروات السمكية، أو الفوسفاط".