فيما تشهد الأراضي الفلسطينية وخارجها احتجاجات شعبية رافضة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية "صفقة القرن"، والتي كشف عنها أمس الثلاثاء، توحدت مواقف عربية ودولية على رفضها. وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، امس، إنّ القراءة الأولى لخطة ترامب، المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، تشير إلى إهدار كبير لحقوق الفلسطينيين المشروعة، قبل أن يستدرك بالقول: "نعكف على دراسة الرؤية الأميركية بشكل مدقق، ونحن منفتحون على أي جهدٍ جاد يُبذل من أجل تحقيق السلام". الأممالمتحدة: "لا جديد" الأممالمتحدة اختارت التذكير بأنّ موقفها من حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل) "تم تحديده عبر السنين"، مشددة على التزامها بجميع "قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة". وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان، إن "الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) اطّلع على إعلان خطة الولاياتالمتحدة الخاصة بالشرق الأوسط". وأضاف أن "موقف الأممالمتحدة من حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية) قد تم تحديده، على مر السنين، ونحن ملتزمون بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة"، مشدداً على أن "الأممالمتحدة ستظل ملتزمة بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين لحل النزاع، على أساس قرارات الأممالمتحدة والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية وتحقيق رؤية دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدود معترف بها، على أساس خطوط ما قبل عام 1967". قطر: صيانة حقوق الشعب الفلسطيني من جانبها، رحبت دولة قطر بجميع الجهود الرامية إلى تحقيق السلام العادل والمستدام في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وأعربت عن تقديرها لمساعي الإدارة الأميركية الحالية لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي، "طالما كان ذلك في إطار الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة". وقالت وزارة الخارجية، في بيان وكالة الأنباء القطرية "قنا"، إنه "من الضرورة بمكان التأكيد على أن نجاح أية مبادرة قائمة أو مستقبلية لحل هذا الصراع الذي دام لأكثر من سبعة عقود يبقى منوطاً بانخراط طرفي الصراع الأساسيين في مفاوضات جدّية ومباشرة على أساس الشرعية الدولية، وما كان متناسبًا في مختلف المبادرات الأميركية التي جاءت في سياق الوساطة مع تلك الشرعية". وأضاف البيان: "لقد سبق لجميع الدول العربية تبني المبادرة العربية للسلام من خلال الجامعة العربية، والتي وضعت مجموعة من الأسس لإحلال السلام العادل". وأكدت دولة قطر في هذا السياق استعدادها لتقديم الدعم المطلوب لأي مساعٍ ضمن هذه الأسس لحلّ القضية الفلسطينية، موضحةً أنه لا يمكن للسلام أن يكون مستداما ما لم تتم صيانة حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 بما في ذلك القدس الشرقية وفي العودة إلى أراضيه. كما أكد البيان أن رفاه الشعب الفلسطيني مشروط بتحقيق السلام العادل، وأن دولة قطر لن تتأخر عن تقديم العون لمؤسسات دولته واقتصاده. السعودية: تطوير خطة شاملة للسلام إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، إن المملكة "تجدد التأكيد على دعمها لكافة الجهود الرامية للوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية". وأضافت الوزارة أن السعودية "تقدر الجهود التي تقوم بها إدارة الرئيس ترامب، لتطوير خطة شاملة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وتابعت أن المملكة "تشجع البدء في مفاوضات مباشرة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت رعاية الولاياتالمتحدة". دعم إماراتي الإمارات أعلنت صراحة عن دعمها لخطة "صفقة القرن"، ونشرت السفارة الإماراتية في واشنطن، على موقعها الرسمي، بياناً اعتبرت فيه أن "الخطة المعلنة اليوم بمثابة نقطة انطلاق مهمة للعودة إلى المفاوضات ضمن إطار دولي تقوده الولاياتالمتحدة". وقال السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، في البيان، إن "دولة الإمارات تقدر الجهود الأميركية المستمرة للتوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني – إسرائيلي"، مضيفاً أن "هذه الخطة هي مبادرة جادة تتناول العديد من المشاكل التي برزت خلال السنوات الماضية". الخارجية التركية: "ولدت ميتة" وفي سياق الرفض الدولي للخطوة الأميركية، قالت وزارة الخارجية التركية، إنّ خطة ترامب المزعومة للسلام في الشرق الأوسط "ولدت ميتة"، وذلك في بيان صادر عن الوزارة جاء فيه أن "هذه الخطة، إنما هي خطة ضم ترمي لقتل حل الدولتين واغتصاب أراضي فلسطين". وأكد البيان أنه "لا يمكن شراء الشعب الفلسطيني وأراضيه بالمال"، مشدداً على أن "القدس هي خط أحمر بالنسبة لتركيا". وأضاف: "لن نسمح بالخطوات الرامية لشرعنة الاحتلال والظلم الذي تمارسه إسرائيل، وسنقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق"، مردفاً: "سنواصل العمل من أجل فلسطين مستقلة على الأراضي الفلسطينية، ولن ندعم أي خطة لا تقبلها فلسطين". وشددت الخارجية التركية، على أنه لا يمكن إحلال السلام في الشرق الأوسط دون إنهاء سياسات الاحتلال. إيران: "خيانة القرن" من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن خطة ترامب ستكون بمثابة كابوس على المنطقة والعالم أجمع، داعيا دول المنطقة إلى التوحد والتحرك معا ضد الخطة. جاء ذلك في تغريدة نشرها ظريف على حسابه الشخصي بموقع "تويتر"، وصف فيها "صفقة القرن" المزعومة بأنها "مشروع حلم لمقاول مفلس". وأشار ظريف إلى أنه "في حال عدم إعداد مخطط مقابل، فإن الخطة ستكون كابوسا على المنطقة والعالم"، مضيفاً: "أتمنى أن يكون هذا الإعلان بمثابة جرس إنذار لكافة المسلمين للتوحد بشأن فلسطين". كما دعا ظريف دول المنطقة إلى التحرك معا في مواجهة الخطة التي تسعى الولاياتالمتحدة لفرضها على الفلسطينيين، واصفا إياها ب "خيانة القرن" بدلا من "صفقة القرن". موسكو تدرس العرض رد الفعل الروسي جاء على لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، الذي أكد أن بلاده ستدرس خطة السلام الأميركية بين فلسطين وإسرائيل. وأضاف بوغدانوف، الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الخارجية، في تصريحات لوكالة "ريا نوفوستي" الروسية، أن "المهم هو موقف فلسطين وباقي الدول العربية من الخطة". وأردف: "يجب انتظار ردود فعل الأطراف الأخرى، وروسيا بدورها ستدرس العرض"، مؤكدا أن "القرار الأخير بشأن الخطة سيكون بيد الفلسطينيين والإسرائيليين، وليس الأميركيين (..) نحن لسنا طرفا في هذا الصراع". الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتفاوض وبدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي التزامه الكامل بالتفاوض لإيجاد تسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين "على أساس مقترح حل الدولتين"، بحسب بيان صادر عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، نشر على الموقع الإلكتروني للاتحاد. وجاء في البيان أنّ الاتحاد "يؤكد موقفه الثابت والموحد تجاه مقترح حل الدولتين المتفاوض عليه والقابل للتطبيق، والذي يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين". وأكد البيان أن الاتحاد سيدرس الخطة الأميركية المزعومة، بشرط أن "تحترم قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة والمعايير المتفق عليها". ولفت إلى أنّ المبادرة الأميركية "توفر فرصة لإعادة إطلاق الجهود الضرورية من أجل إيجاد حل تفاوضي وقابل للتطبيق في مسألة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني". بريطانيا تدعو للنظر بإنصاف من جهته، حثّ وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب، قادة إسرائيل والفلسطينيين على النظر ب"إنصاف" إلى "صفقة القرن" المزعومة، مدعيًا أنها تهدف لتسوية القضية الفلسطينية. وفي بيان صادر عنه، قال راب عن الصفقة، إن "هذا اقتراح جاد بكل وضوح ويعكس الوقت والجهد المكثف للتوصل إليه"، مضيفًا أن "الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين هم وحدهم الذين يمكنهم تحديد ما إذا كانت هذه المقترحات تفي باحتياجات شعبيهم". وتابع موضحًا أن بلاده "تشجع على بحث هذه الخطط بشكل حقيقي ومنصف، واستكشاف ما إذا كانت تبرهن على أنها خطوة أولى على طريق العودة للمفاوضات". وفي وقت سابق، أعرب زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربن، عن رفضه للصفقة المزعومة، معتبرًا إياها "تهديدًا للسلام"، وذلك في بيان نشره المعارض البريطاني، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، دعا فيه، حكومة بلاده إلى رفض الصفقة التي وصفها ب"الشيء المخزي". وأكد أن الصفقة "ليست خطة سلام، وإنما هي ضامن لاستمرار السياسة الاستعمارية غير القانونية التي تقوم بها إسرائيل، وتنكر حقوق فلسطين، ومن ثم هي تهديد للسلام". زعيم حزب العمال شدد كذلك على "ضرورة معارضة الحكومة البريطانية لهذا الخزي، وممارسة الضغوط من أجل التوصل لاتفاق سلام حقيقي، وحل قائم على أساس الدولتين". ألمانيا: "الخطة تثير التساؤلات" من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن "خطة ترامب تثير التساؤلات ولا سلام دائماً بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلا من خلال حل الدولتين المتفاوض عليه". وذكر ماس أن "المبادرة الأميركية تثير قضايا، سنناقشها الآن مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي. من بين أشياء أخرى، هذه الأسئلة حول مشاركة أطراف النزاع في عملية التفاوض، وكذلك حول موقفها (المبادرة) تجاه المعايير والمواقف القانونية المعترف بها دولياً". وشدد على أن "الحل المقبول من الطرفين هو وحده يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين". فرنسا ترحب وفي موقف لافت، رحبت فرنسا بأحدث مساعي الرئيس الأميركي لإبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وقالت إنها ستدرس المقترحات بعناية. وقال بيان لوزارة الخارجية الفرنسية: "ترحب فرنسا بجهود الرئيس ترامب وستدرس بعناية برنامج السلام الذي طرحه". وأكد البيان مجددا رغبة فرنسا في حل الدولتين. السويد تدعم الموقف الأممي وأعربت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندا، عن دعم بلادها لموقف الأممالمتحدة الخاص بحل القضية الفلسطينية على أساس دولتين، مؤكدة أن هذا هو الضامن لسلام عادل ومستدام. وشددت ليندا، في تصريحات، على أن هذه الصفقة غير ملزمة للسويد ولا الاتحاد الأوروبي، مضيفة: "فموقف الطرفين(السويد والاتحاد) واضح بشأن القضية، وهو دعم الجهود الدولية برعاية الأممالمتحدة لحلها على أساس دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام". وأكدت أن "هذه المفاوضات يجب أن تتفق مع القانون الدولي"، مجددة تشديدها على دعم بلادها للقانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. وذكرت ليندا كذلك أنه "حتى يتسنى للسلام أن يكون عادلًا ومستدامًا، يجب أن نضع في الحسبان المطالب الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء؛ لذلك نؤكد دعمنا لموقف الأممالمتحدة بخصوص حل تلك القضية على أساس دولتين".