سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مواطنون يطالبون بضرورة توفير بدائل للأسواق الفوضوية وإجماع على أن أمن واستقرار البلد فوق رأس الجميع بعد شروع السلطات المحلية في إزالتها ومخاوف من تبعاتها
ليست السوق السوداء في الجزائر ظاهرة جديدة، فقد نمت وبرزت منذ الاستقلال إلا أنها لم تصل إلى هذا الحجم والانتشار كما شهدته في السنوات الأخيرة. فاحدث التقديرات تشير إلى أن حجم السوق الموازية أو السوق السوداء تجاوز العام الماضي 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ما أثار تساؤلات حول ما تمثلها من تهديد حقيقي الاقتصاد الوطني والأمن العمومي . ويكلف النشاط الاقتصادي الموازي خزينة الدولة 4 مليارات دولار سنويا، وتمثل هذه خسارة كبيرة لحكومة لا تتجاوز إيراداتها من العملة الصعبة 70 مليار دولار تشكل عائدات المحروقات 98 بالمائة منها.لكن يبدو انه مع ارتفاع أسعار النفط والغاز ازداد اعتماد الجزائر عليها كممول رئيسي لموازناتها العامة، وفي وقت اقترب حجم احتياطاتها من العملة الصعبة مائتي مليار دولار فان هذه الخسائر يمكن تحملها في اقتصاد ريعي يعتمد على النفط والغاز.
السوق الفوضوية نعمة على الزوالي ونقمة على الدولة فبعد أن شرعت السلطات المحلية في إزالة عدد من الأسواق الفوضوية على مستوى العاصمة والتي كان أولها سوق باش جراح الشعبي سيأتي الدور على أسواق كل من باب الوادي وبلكور حيث عرف حي باش جراح الشعبي الذي أزالت قوات الأمن السوق الفوضوية المعروفة به هادئا تماما، حيث لم يحاول التجار والباعة الذين كانوا يستغلونه العودة إلى مكان السوق أو الاحتجاج على قرار إزالته، في وقت ما تزال عناصر الشرطة منتشرة هناك تحسبا لأي طارئ. وقال لنا عدد من الشباب التقينا بهم في سوق حي باش جراح وحي بلكور الشعبي أنهم غير معارضين لقرار السلطات المحلية بإزالة الأسواق الفوضوية وان امن واستقرار الجزائر فوق كل اعتبار غير أنهم طالبوا الدولة بضرورة إيجاد مكان مناسب لمزاولة نشاطهم التجاري خاصة وان معظمهم من خريجي الجامعات والمعاهد مشددين بضرورة الالتفاتة العاجلة لطلباتهم حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه حسب قولهم والانجراف وراء طريق الانحراف . وقالت احدث التقارير أن معدلات البطالة في الجزائر استقرت عند مستويات 10 بالمائة خاصة في وسط الشباب وخريجي الجامعات والمعاهد مما دفعت عشرات الآلاف منهم إلى أحضان السوق السوداء أو السوق الموازية التي وفرت لهم ملجأ للاعتماد على أنفسهم في كسب رزقهم والتخفيف من وطأة الفقر في ظروف اقتصادية صعبة.
2500 سوق فوضوية عبر الوطن تهدد الاقتصاد والأمن العام أشارت إحصائيات أعدها الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين أن عدد الأسواق الفوضوية في الجزائر برمتها يبلغ 2500 سوق على مستوى القطر الوطني ، وهي تكلف خزينة الدولة خسارة تقدر ب 400 مليار دينار سنويا لأن التجار الفوضويين الذين لا يملكون سجلات تجارية لا يدفعون أي ضريبة، وبالتالي فإن خزينة الدولة هي التي تتكبد هذه الخسائر . وبعد التصريحات الأخيرة لوزير التجارة مصطفى بن بادة التي اتهم فيها صراحة الجماعات المحلية بعدم القيام بدورها في الحد من السوق الموازية التي تنخر الاقتصاد الوطني، وبعد أن تحدث في وقت سابق عن مقترحات جديدة قدمها للحكومة للحد من هذه الظاهرة أعطت وزارة الداخلية والجماعات المحلية تعليمات من اجل الحد من الظاهرة مباشرة بعد عيد الفطر، وعليه
فضاءات جديدة لاستيعاب الشباب العاملين في الأسواق الفوضوية اعتبر بن بادة أن التجارة الفوضوية في بلادنا تجاوزت كل الحدود وكان لزاما على السلطات المختصة التصدي لها، وأعطى الوزير بديلا عن المساحات الفوضوية التي سيتم إزالتها في المستقبل حيث أشار في هذا الصدد أن وزارته وضعت خطة مشتركة مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية وكانت محل تعليمة صدرت في أفريل الماضي تقضي باستيعاب الشباب العامل في الأسواق الموازية داخل فضاءات جديدة مع إعطاء العديد من التحفيزات للذين سيشتغلون بها في المستقبل خاصة ما تعلق منها بالتخفيف الضريبي والتسهيلات المتعلقة بالحصول على السجل التجاري وغيرها، وهذا من اجل امتصاص اليد التي كانت تشتغل داخل الأسواق والمساحات الموازية بعد إزالتها، وتفادي ترك هؤلاء في عطالة، أو إعطاء مبررات لهم للقيام بأعمال شغب وغيرها.